قلتُ: وقد زعم بعضهم أن ذلك الرجل المبهم في سنده: الحجاج بن أرطاة، وهى دعوى مجردة دون برهان، وقد استبعدها ابن عبد البر في "جامع البيان" وأصاب بلا ريب عندى. ثم جاء بعض أصحابنا وردَّ رواية عبد الوارث بن سعيد، لمخالفته الجماعة في سنده عن عليّ بن الحكم، ومنهم (حماد بن سلمة) وهو كان أروى الناس عن عليّ بن الحكم كما قاله أبو داود، وأن المحفوظ: هو ما رواه هؤلاء عن عليّ بن الحكم عن عطاء به ... دون واسطة بينهما. قلتُ: وهذا كله غفلة عن كون ما أتى به عبد الوارث: ما هو إلا زيادة واجب قبولها؛ وهو أثبت من جميع من روى هذا الحديث عن علة بن الحكم، وزيادة مثله على الرأس والعينين، فما أراه إلا قد حفظ ونسوا، وجاء بما أغفلوا، وفسد إسناد الحديث جملة، بعد أن كان ظاهره الصحة. وقد ورد الحديث من طرق أخرى عن عطاء عن أبى هريرة به مرفوعًا وموقوفًا، ولا يثبت منها بشئ على التحقيق، وقد علقه الحافظ الخليلى في "الإرشاد" [١/ ٣٢١ - ٣٢٢/ انتخاب السلفى]، من طريق عطاء عن أبى هريرة به مرفوعًا ... ثم قال: "معلول، لم يتفقوا عليه، رواه عن عطاء: مالك بن دينار وعمارة وعليّ بن الحكم وجماعة، والناس يجمعون طرقه، ولم يروه عنه - يعنى عن عطاء -: المتفق عليهم من أصحابه، والمحفوظ من حديث أبى هريرة موقوف". قلتُ: وخالفه أبو الحسن بن مهدى في "علله" [١٠/ ٦٨]، فجزم بكون المرفوع هو المحفوظ، ولم يثبت عندنا هذا ولا ذاك بإسناد نظيف. =