قلتُ: وهذا فيه تكلف، وراوى هذا الحديث عن سليمان بن يسار هو (يحيى بن أبي إسحاق الحضرمي) الشيخ الثقة الصدوق، وهو من رجال الشيخين، لكن قال أحمد: (في حديثه نكارة) وقال ابن معين في رواية: في حديثه بعض الضعف)، فالأشبه: أن يكون هو المضطرب في إسناده ومتنه جميعًا، دون سليمان بن يسار؛ فإن سليمان في الثبت كالاسطوانة، وهو أجل من أن يقال فيه: (ثقة ثبتٌ). وقد روى الزهري هذا الحديث عن سليمان، واختلف عليه فيه هو الآخر، فرواه عنه معمر وابن جريج وغيرهما فقالوا: عن الزهري عن سليمان بن يسار عن عبد الله بن عباس عن أخيه الفضل بن عباس به نحوه ... إلا أنهم جعلوا السائل: امرأة تسأل عن أبيها. ١ - ورواية معمر: أخرجها أحمد [١/ ٢١٢]، والدارمي [١٨٣١]، والطبراني في "الكبير" [١٨/ رقم ٧٢١]، والمؤلف [برقم ٦٧٣٧]، وغيرهم. ٢ - ورواية ابن جريج: عند البخاري [١٧٥٥]، ومسلم [١٣٣٥]، والترمذي [٩٢٨]، وأحمد [١/ ٢١٣]، والدارمي [١٨٣٢]، والشافعي [٤٨٨]، والطبراني في "الكبير" [١٨/ رقم ٧٢٠]، والبيهقي في "سننه" [٨٤١١]، وفى "المعرفة" [رقم ٢٧٧٩]، وجماعة من طرق عن ابن جريج به. قال الترمذي: "حديث الفضل بن العباس: حديث حسن صحيح". قلتُ: وهكذا رواه الأوزاعي عن الزهري عند ابن ماجه وجماعة؛ وخالفهم مالك وابن عيينة وسائر أصحاب الزهري، كلهم رووه عنه فقالوا: عن سليمان بن يسار عن ابن عباس به نحوه ... وجعلوا السائل امرة تسأل عن أبيها أيضًا ... ونقلوا الحديث إلى (مسند ابن عباس) دون أخيه الفضل، وقد خرجنا رواياتهم في "غرس الأشجار" وقد مضت رواية ابن عيينة وحده عند المؤلف [برقم ٢٣٨٤]. =