وقد عاد حماد بن سلمة مرة أخرى وأصلح ما أفسده، وروى الحديث عن داود بن أبي هند مثل رواية الآخرين عنه، فقال: عن داود عن الشعبي عن أبي جيرة بن الضحاك به ... هكذا أخرجه الحاكم [٢/ ٥٠٣]، وعنه البيهقي في "الشعب" [٥/ رقم ٦٧٤٦]، من طريق أبي العباس الأصم عن محمد بن إسحاق الصاغانى عن روح بن عبادة عن حماد به. وقال الحاكم: "هذا حديث صحيح على شرط مسلم". قلتُ: وهم الرجل على عادته، إنما الحديث صحيح وحسب؛ وليس هو على شرط مسلم أصلًا، ولم يخرج بتلك الترجمة حديثًا قط، وأبو جبيرة بن الضحاك: حديثه عند أصحاب السنن وحدهم. وسائر رجال الإسناد ثقات أئمة من رجال "الصحيح" وقد صححه الترمذي كما يأتي. وتوبع حماد بن سلمة عليه، تابعه جماعة، منهم: ١ - وهيب بن خالد عن داود بن أبي هند عن عامر الشعبي عن أبي جبيرة بن الضحاك قال: (فينا نزلت هذه الآية في بنى سلمة: {وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ} [الحجرات: ١١] قال: قدم علينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وليس منا رجل إلا وله اسمان أو ثلاثة؛ فجعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: يا فلان، فيقولون له: يا رسول الله، إنه يغضب من هذا الاسم؛ فأنزلت هذه الآية: {وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ} ... ) أخرجه أبو داود [٤٩٦٢]، ومن طريقه الجصاص في "أحكام القرآن" [٥/ ٢٨٦]، والبخاري في "الأدب المفرد" [رقم ٣٣٠]، وأبو نعيم في "المعرفة" [٥/ رقم ٦٧٢٠/ طبعة الوطن]، والآبنوسي في "المشيخة" [رقم ٢٠٤]، وابن الأثير في "أسد الغابة" [١/ ١١٥٠]، وغيرهم ... واللفظ لأبى داود. ٢ - وعبد الله بن إدريس: على نحو رواية وهيب: عند ابن ماجه [٣٧٤١]، والطبراني في "الكبير" [٢٢/ رقم ٩٦٩]، وابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني" [٤/ رقم ٢١٣٢]، ومن طريقه المزي في "تهذيبه" [٣٣/ ١٨٢]، والخرائطى في "مساوئ الأخلاق" [رقم ٦٦٢]، وغيرهم.