قلتُ: فمثل تلك التصريحات الواضحة على فحش تدليس ابن جريج إذا لم يذكر في الخبر ما يدل على سماعه؛ لا يدفعها تلك المحاولات الفاشلة من تلك التأويلات المتكلفة هنا وهناك؛ من هذا وذاك! وقد قَضَيْنا على تلك التأويلات في مكان آخر. فإن قلتُ: قد صرح ابن جريج في هذا الحديث بالسماع من سليمان بن موسى، أخرج ذلك عنه: ابن عساكر في "تاريخه" [٦٣/ ٥٤]، من طريق أبي طاهر المخلص عن أبي محمد بن صاعد عن سفيان بن وكيع عن (روح بن عبادة عني ابن جريج قال: حدثني سليمان بن موسى ... ) وساق الحديث. قلتُ: هذا شبه لا شيء، وسفيان بن وكيع قد هجروه ورموا حديثه يوم أن أصر على عدم إقصاء وراقه الذي كان يدخل في أصوله ما ليس منها، وقد زجروه فلم ينزجر، وردعوه فلم يرتدع، وما راعى حرمة أبيه في نفسه، ومثله سهل إذا روى خبرًا عن شيخ بالعنعنة ونحوها؛ أن يقلبها سماعًا، والمحفوظ في هذا الطريق عن روح بن عبادة أنه يرويه عن ابن جريج قال: قال سليمان بن موسى به ... هكذا رواه خلق من الثقات عن روح؛ فجاء هذا السفيان، وقلب قول ابن جريج: (قال سليمان بن موسى) إلى: (حدثني سليمان بن موسى) ولم يفعل شيئًا. فإن قلتُ: قد توبع عليه ابن جريج، فذكر الإمام في "الصحيحة" [رقم ٩٣٤]، أن أبا عاصم النبيل قد تابع ابن جريج عليه عن سليمان بن موسى، عند أبي يعلى في "مسنده" ومن طريقه ابن عساكر في "تاريخه" [٦٣/ ٥٥ - ٥٦]، بإسناد صحيح إليه به .... قلتُ: لم يفطن الإمام إلى كون (ابن جريج) قد سقط من سند ابن عساكر هناك، وأن أبا عاصم النبيل ما روى هذا الحديث عند أبي يعلى وغيره إلا عن ابن جريج عن سليمان بن نوح عن =