للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


= أما الحذاق من النقاد: فجزموا بكون (أم سلمة) في الطريق الأول؛ هي نفسها (أسماء بنت يزيد الأنصارية) وليست هي (أم سلمة أم المؤمنين) كما قد يتبادر إلى الأذهان، وأسماء بنت يزيد كانت تكنى بأم سلمة أيضًا، وكان شهر مولاها.
فنقل الترمذى عقب روايته هذا الحديث عن عبد بن حميد الحافظ أنه قال: "أسماء بنت يزيد هي أم سلمة الأنصارية" ثم قال الترمذى: "كلا الحديثين عندى واحد، وقد روى شهر بن حوشب غير حديث عن أم سلمة الأنصارية، وهى أسماء بنت يزيد ... ".
قلتُ: وكذا سئل أبو زرعة الرازى عن هذا الحديث! كما في "العلل" [رقم ٢٨٢٩]، فقال: "أم سلمة هذه: هي أسماء بنت يزيد" وقال الخطيب بعد أن أخرج هذا الحديث في "موضح الأوهام" [١/ ٤٧٠/ طبعة دائرة المعرفة الهندية]، من طريق ثابت عن شهر عن أم سلمة به ... قال: "ورواه حماد بن سلمة عن ثابت، فبين في روايته: أن أم سلمة هي أسماء بنت يزيد، وقد ذكرنا ذلك في كتابنا: "المكمل في إيضاح المهمل" ... ".
قلتُ: وحماد هو أثبت أهل الدنيا في ثابت البنانى؛ فقوله معتمد بلا ريب؛ وهذا كله يرد على من وهم وساق هذا الحديث في (مسند أم سلمة أم المؤمنين)، كما فعل المؤلف وغيره.
إذا عرفت هذا: فاعلم: أن أسماء بنت يزيد أم سلمة الأنصارية: هي صحابية معروفة؛ وحديثها عند أصحاب "السنن"؛ ومدار حديثها هذا: على شهر بن حوشب؛ وقد انفرد به عنها ولم يشاركه فيه أحد، كما جزم بذلك صالح بن محمد الحافظ فيما أسنده عنه ابن عساكر في "تاريخه" [٢٣/ ٢٢٧/ ترجمة شهر]، وشهر فيه مقال مشهور؛ والكلام فيه طويل الذيل، وحاصله: أنه ليس بعمدة؛ لكثرة أوهامه وما ينفرد به من المناكير والغرائب، مع اضطراب شديد في كثير مما يرويه، بحيث كان ربما روى الحديث الواحد على خمسة ألوان أو أكثر مع صحة الطرق إليه بها.
وللحديث: شاهد مرفوع مثله من رواية عائشة به ... ولا يصح أيضًا، راجع الكلام عليه في "الصحيح" [رقم ٢٨٠٩]، وقد تساهل الإمام الألبانى هناك، وقوى الحديث بمجموع طرق لا تصلح للتقوية أصلًا، ولا أنشط الآن لتعقبه في ذلك؛ ولعلنا نتدارك هذا في مكان آخر إن شاء الله ... واللّه المستعان لا رب سواه.

<<  <  ج: ص:  >  >>