قال الحاكم: "هذا حديث صحيح على شرط الشيخين". قال الإمام الألبانى في أحكام الجنائز [ص ٤]، بعد أن ذكر تصحيح الحاكم: "ووافقه الذهبي، وإنما على شرط البخاري فقط". قلتُ ما وافقه الذهبي أصلًا، ولا هو على شرط (السنن) فضلًا عن البخاري، كأن الإمام قد ظن أن (هند بنت الحارث) في سنده: هي الفراسية التى أخرج لها البخاري من رواية الزهرى عنها عن أم سلمة، وكانت تحت معبد بن المقداد بن الأسود؛ وليس ذلك بشيء، بل (هند بنت الحارث) هنا: امرأة أخرى يروى عنها يزيد بن عبد الله بن الهاد وحده، وهى امرأة عبد الله بن شداد كما يقول المزي في "تهذيبه" [٣٥/ ٣٢٢]، وهذا قد نص عليه الطبراني في "المعجم الكبير" [٢٥/ ٢٧]، أنها: (امرأة عبد الله بن شداد) وقد تصحف عنده: (امرأة) إلى: (أم)؛ وهى امرأة خثعمية مجهولة الحال، انفرد ابن حبان بذكرها في، "الثقات" [٥/ ٥١٧]، على عادته في توثيق من لا يعرف من نساء تلك الطبقة، وقد فرق ابن حبان بينها وبين (هند بنت الحارث الفراسية) التى يروى عنها الزهري؛ وتبعه على ذلك: المزي وابن حجر، وهى مترجمة في "التهذيب وذيوله" (تمييزًا) وقد قال عنها الحافظ في "التقريب": "مقبولة" يعنى عند المتابعة؛ وإلا فلينة. فإن قلتُ: قد وقع وصفها بـ (الفراسية) عند الحارث في الموضع الثاني، وهذا يقتضى أن تكون هي التى أخرج لها البخاري. قلتُ؛ هذا ليس بشيء، والحارث إنما روى هذا عن شيخه محمد بن عمر، وهو الواقدى، ذلك الإخبارى الهالك، وقد كذبه جماعة من الأئمة بخط عريض جدًّا، فلا يعتمد على هذا أصلًا، وكأنه أراد أن يقول: (عن هند بنت الحارث الخثعمية) فغلط وقال: (الفراسية)، ولعله ظنهما واحدًا، كما ظن ذلك بعض المتأخرين، وقد عرفت ما فيه!.=