وقد خولف أبو بكر بن عياش في سنده، خافه جرير بن حازم وأبو حمزة السكرى وعبد الملك بن معن، كلهم رووه عن الأعمش فقالوا: عن حصين عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة به نحو سياق المؤلف مرسلًا، دون قوله في آخره: (في الدنيا). هكذا أخرجه النسائي [٤٦٨٧]، والطبرانى في "الكبير" [٢٣/ رقم ١٠٥٠] و [٢٤/ رقم ٧٢، ٧٣]، وفي "الأوسط" [١/ رقم ٨٢٩]، والطحاوي في "المشكل" [١٠/ ١٨٨]، وأبو نعيم في "أخبار أصبهان" [٢/ ٢٢٨]، والخطيب في "الكفاية" [١/ رقم ٣٨٧/ طبعة دار الهدى]، من طرق عن الأعمش به. قال الطبراني: "لم يرو هذا الحديث عن الأعمش إلا محمد بن أبي عبيدة "عن أبيه" وجرير بن عبد الحميد". قلتُ: بل تابعهما أبو حمزة السكرى عند الخطيب في "الكفاية" وقد رجح الدارقطني هذا الوجه الثاني في "العلل" [١٥/ ٢٥٠]، فقال: "والمرسل أشبه" وهو كما قال. وقد وقع في سياق الخطيب في "الكفاية" ما يوهم أن عبيد الله بن عبد الله قد سمع منها هذا الحديث، وذلك قوله: (استدانت ميمونة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - ثلثمائة درهم ليس عندهما وفاؤه؛ فنهيتها عن ذلك فقالت: ... )، فتلك الكلمة: (فنهيتها) لا أراها إلا وهمًا ممن دون الأعمش في سنده، وقد وقع مكانها عند النسائي وغيره: (فقيل لها ... ) وفي رواية للطبراني: (فقال لها أهلها) وهذا أصح بلا ريب عندي. • والحاصل: أن تلك الطرق الماضية يقوى بعضها بعضها إن شاء الله؛ لاسيما وللمرفوع من الحديث: شواهد عن جماعة من الصحابة به نحوه ... لكن دون قوله: (في الدنيا) وقد استوفيا تخريج تلك الشواهد في "غرس الأشجار". ومن تلك الشواهد الثابتة: حديث أبي هريرة مرفوعًا: (من أخذ أموال الناس يريد أداءها أدى الله عنه ... ) أخرجه البخاري [٢٢٥٧]، ومن طريقه البغوي في "شرح السنة" [٨/ ٢٠١ - ٢٠٢]، وأحمد [٢/ ٤١٧، ٣٦١]، والبيهقي في "سننه" [١٠٧٣٧]، وفي "الشعب" [٧/ رقم ٥١٦١]، وابن عساكر في "معجمه" [رقم ١٣٧٤]، وغيرهم.