وقد أغرب الإمام الألباني جدًّا، وأعل هذا الأثر في "ضعيف الترغيب" [١/ ٥٠٧]، بقوله: (إن السري بن يحيى هذا: من أتباع التابعين؛ فيكون الرجل الذي لم يسمه تابعيًا مجهولًا، فما ينفعه: أن السند إليه رواته ثقات، فلو أنه رفعه لكان مرسلًا ضعيفًا، فكيف وهو قد أوقفه عليه؟! فيكون مقطوعًا ضعيفًا لا حجة فيه). قلتُ: وهذا إعلال سقيم جدًّا، لا يليق بمنزلة الإمام الألباني في هذا الشأن، وإن تابعه عليه المعلق على "المطالب العالية" [١٣/ ٧٧٦/ طبعة العاصمة]، حيث قال هو الآخر: "هذا إسناد ضعيف؛ لإيهام الرجل الذي يروى عن السري بن يحيى". وكلامه هذا والذى قبله: غفلة شديدة، لأن إبهام وجهالة شيخ السري بن يحيى: لا علاقة له بإعلال إسناده أصلًا، لأن الأثر موقوف على هذا الرجل الذي لم يسم، وهبه كذابًا وضاعًا كل بلاء فيه، فإن هذا لا يخدش في ثبوت الأثر أيضًا، لأنه من قوله هو وليس يرويه عن أحد حتى يقال: (هذا مقطوع ضعيف) كما يقول الإمام، أو يقال: (هذا إسناد ضعيف) كما قال المعلق على "المطالب"، فانتبه يا رعاك الله. نعم: قد روى سعيد بن أبي مريم هذا الحديث عن السري بن يحيى: فجود سنده وأقامه، فقال: أخبرني السري بن يحيى قال: حدثني أبو شجاع عن أبي طيبة الجرجاني عن عبد الله بن عمر: أن جبريل أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - فعلمه هذا الدعاء ... وذكره نحوه في سياق أتم ... هكذا أخرجه ابن معين في "تاريخه" [٤/ ٣٦٢/ رواية الدورى]، والدولابي في "الكنى" [٢/ ٦٨٥]، والطبراني في "الدعاء" [رقم ١٤٥٩]، من طريق سعيد بن أبي مريم به. قلتُ: وهذا إسناد ضعيف منقطع، أبو شجاع: هو سعيد بن يزيد المصري الثقة العابد، وهو من رجال الجماعة إلا البخاري وابن ماجه، وأما شيخه أبو طيبة: فقد زعم الإمام في "الضعيفة" [١٣/ ٤٧٤]، أنه: (عبد الله بن مسلم المروزي) الترجم في "التهذيب"، وليس كما قال، بل أبو طيبة هذا: هو عيسى بن سيلمان الدارمي الجرجاني والد أحمد بن أبي طيبة، ترجمه الذهبي في "الميزان" وقال: "ضعفه ابن معين، وساق له ابن عدي: عدة مناكير ... " =