قلتُ: وهذا من أوهامه، فإن مسلمًا لم يخرج لقتادة شيئًا من روايته عن أبى بردة. ورجال الإسناد: كلهم ثقات مشاهير من رجال "الصحيح". وقد رواه أبو عوانة وسعيد وشيبان ومحمد بن سليم الراسبى وخالد بن قيس كلهم عن قتادة به .. وتابعهم محمد بن أبى حفصة على سنده؛ إلا أنه زاد في آخره زيادة لم يتابع عليهما. وقد خرَّجنا روايته في "إيقاظ العابد بما وقع من الوهم في تنبيه الهاجد". ومدار هذا الطريق: على قتادة؛ وهو إمام حجة؛ إلا أنه كان كثير التدليس، بل كان شيخ الإسلام ابن دقيق العبد يلقبه بـ (إمام المدلسين)، كما نقله عنه الزيلعى في "نصب الراية"، ثم نظرتُ: فإذا لفظ ابن دقيق العيد هناك [٣/ ١٥٣]: "قتادة لم يقل فيه: حدثنا ولا سمعت، وهو إمام في التدليس". وهو لم يذكر في هذا الحديث سماعًا، بل وقع في رواية ابن أبى عروبة عند أحمد [٤/ ٤١٩]، ومن طريقه ابن عساكر في "تبيين كذب المفترى" [ص ٧٢]، والخطيب في "تاريخه" [٥/ ٣٢٢] عن قتادة قال: "قال: حدَّث أبو بردة بن عبد الله بن قيس عن أبيه ... "، وهذا فيه شِبْه إرسال كما ترى، فالإسناد معلٌّ بالانقطاع. ثم رأيتُ ابن أبى حاتم: قد نقل في "المراسيل" [ص ١٦٩]: عن ابن معين أنه قال: "قتادة لا أعلمه سمع من أبى بردة" فلِلَّه الحمد. نعم: قد روى هذا الحديث بعضهم عن سليمان بن المغيرة عن حميد بن هلال عن أبى بردة عن أبيه به نحوه .. أخرجه البزار [٨/ رقم ٣١٣٤/ البحر الزخار]، والدارقطنى في "الأفراد" [٢/ رقم ٤٩٨٠/ أطرافه/ الطبعة التدمرية]. قلتُ: وهو غير محفوظ من هذا الوجه، كما أشار إلى هذا: البزار والدارقطنى عقب روايته، واللَّه المستعان لا رب سواه. ٧٢٦٧ - صحيح: المرفوع منه فقط، ودون فقرة الحساب، أخرجه ابن عساكر في "تاريخه" [٢٦/ ٤٧] من طريق المؤلف به.