للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


= قلتُ: ولم يصب في إعلاله جميعًا، فإن بقية - وهو ابن الوليد - صدوق حافظ على التحقيق؛ وإنما عابوا عليه إكثاره من الرواية عن الضعفاء والمجاهيل والهلكى، وكذا عابوا عليه شدة تدليسه أيضًا، وقد وصفه أبو حاتم الرازى وغيره بـ (تدليس التسوية)، لكنه صرَّح بسماعه وسماع شيخه من شيخه عند ابن عدى في "الكامل"، وكذا عند ابن حزم أيضا، فبرئتْ عهدته من تبعة هذا الحديث الساقط.
ولم يُصب الإمام في "الضعيفة" [رقم ١٦٠١]، حيث أعل الإسناد بعنعنته وعنعنة مكحول، أما بخصوص بقية: فقد صرَّح بسماعه وسماع شيخه من شيخه كما مضى.
وأما مكحول: فلا أعلم من وصفه بالتدليس من التقدمين سوى ابن حبان وحده، وعبارته في ترجمة مكحول من "الثقات" [٥/ ٤٤٧]: "ربما دلَّس"، وهذا يقتضى أن مكحولًا كان قليل التدليس، فلا ينبغى الإعلال بعنعنته على التحقيق، وقد جازف كل من اقتحم هذا الميهع، ودعوى ابن حزم: أنه لم يدرك واثلة: غير مسموعة أصلًا، بل قد صحَّ دخوله عليه، إنما اختلفوا في سماعه منه، والتحقيق: هو ثبوته إن شاء الله، وبذلك جزم البخارى وجماعة.
وشيخ بقية في سنده: (عثمان بن عبد الرحمن) هو الطرائفى الحرانى؛ كما جزم بذلك ابن عدى، حيث ساق له هذا الحديث في ترجمته من "الكامل" وليس هو الوقاص المتروك كما ظنه بعضهم.
وما وقع عند المؤلف مِنْ وصْفه بـ (القرشى)، فأراه وهمًا من شيخ المؤلف، وهو الوليد بن شجاع بن الوليد الكوفى الثقة الصالح، إلا أن بعضهم قد غمزه، وقد خالفه سويد بن سعيد وهشام بن عمار وكثير بن عبيد، وهشام بن خالد وغيرهم من أصحاب بقية بن الوليد، فرووه عنه عن (عثمان بن عبد الرحمن)، دون أن يصفوه بشئ، والقول قولهم.
وعثمان بن عبد الرحمن الطرائفى: شيخ صدوق متماسك على التحقيق؛ لكنه كان - كتلميذه بقية - كثير الرواية للمناكير والأباطيل، عن الضعفاء والهلكى والمجاهيل، فلذلك تكلم فيه جماعة، وقد أنصفه أبو أحمد الجرجانى في ختام ترجمته من "الكامل" [٥/ ١٧٤].
وآفة الإسناد: هي من شيخه (عنبسة بن سعيد!)، وهو عنبسة بن عبد الرحمن بن عنبسة بن سعيد بن العاص القرشى الأموى، ذلك الشيخ المتروك التالف، وقد كذبه الأزدى بخط عريض، وأسقطه سائر النقاد فسقط ولن يقوم، ولشدة ضعفه: كان الرواة عنه يُدلِّسونه ويُخفون أمره، فربما قال بعضهم: (عن عنبسة بن سعيد) وينسبونه إلى جده الأعلى، وربما قالوا: =

<<  <  ج: ص:  >  >>