قلتُ: قد وقع في أكثر طبعات "المسند": "عن معمر عن يحيى بن أبى كثير عن يعيش بن الوليد بن هشام عن مولى لآل الزبير أن الزبير بن العوام حدثه"، هكذا بزيادة:، "الزبير بن العوام"، وهى زيادة مقحمة بلا ريب. أما بحر بن كنيز وعثمان بن مقسم: فهما في وادٍ آخر، فقد بلغ بهما التخليط مبلغًا جعلهما يرويانه عن ابن أبى كثير فيقولان: عن زيد بن أسلم عن أبى سلام عن الزبير بن العوام به ... ، هكذا أخرجه ابن قانع في "معجم الصحابة" [١/ ٢٢٣/ طبعة مكتبة الغرباء الأثرية]، حدثنا بشر بن موسى نا معلى بن عباد بن يعلى نا بحر بن كنيز وعثمان بن مقسم كلاهما به ... قلتُ: وهذا إسناد ما كان أصلًا، وبحر بن كنيز: قد غرق في بحر الهجران منذ زمان، وقد تركه جماعة، وهو من رجال ابن ماجه وحده، أما عثمان بن مقسم: فقد قُسِمَ له بالكذب على لسان جماعة من النقاد، راجع ترجمته من "اللسان" [٤/ ١٥٥]. والمحفوظ في هذا الحديث: هو قول من رواه عن ابن أبى كثير عن يعيش بن الوليد عن مولى للزبير عن الزبير به ... قلتُ: وهذا هو الذي رجحه الدارقطنى في "العلل" [٤/ ٢٤٧]، وقبله صححه أبو زرعة الرازى كما مضى. ونحوه البزار. وهو إسناد ضعيف؛ لجهالة مولى الزبير كما سبق ذكره. لكن للحديث شواهد تقويه إن شاء الله: ١ - فلقوله: "دب إليكم داء الأم قبلكم الحسد والبغضاء": شاهد من حديث أبى هريرة مرفوعًا بلفظ: "سيصيب أمتى داء الأم، فقالوا: يا رسول الله، وما داء الأمم؟، قال: الأشر والبطر والتكاثر والتناجش في الدنيا، والتباغض والتحاسد حتى يكون البغى، ثم يكون الهرج". أخرجه الحاكم [٤/ ١٨٥]، والطبرانى في "الأوسط" [٩/ رقم/ ٩٠١٦]، وابن أبى الدنيا في "العقوبات" [رقم/ ٢٦١]، وفى "ذم الحسد"، وفى "ذم البغى" [رقم/ ٢]، وابن وضاح في "البدع" [رقم/ ٢٢٤]، وابن أبى حاتم في "العلل" [٦/ ٣٠٢ - ٣٠٣/ طبعة سعد الحميد]، وغيرهم، من طريق ابن وهب أخبرنى أبو هانئ حميد بن هانئ الخولانى حدثنى أبو سعيد الغفارى أنه قال: سمعت أبا هريرة به ... وليس عند الحاكم قوله: "ثم يكون الهرج". =