قلتُ: وابن أبى حفصة يأتى عن الزهرى بالأعاجيب، ومثله إذا خالف معمرًا ومن تابعه فضلًا عن ابن عيينة ومن تابعه، فيحق آنذاك للنسائى أن يقول عنه: "ضعيف" ولم تكن رغبة القطان عنه إلا لهذه المناكير التى كان يأتى بها عن الثقات، ومَنْ يشفع له في تلك الورطة؟! فإن قيل: قد تابعه بحر بن كنيز السقاء على هذا اللون عن الزهرى، كما ذكره الدارقطنى في "العلل" [٤/ ٢٦٤]. فالجواب: أن بحرًا هذا قد غرق في بحار أخطائه، وسقط في أمواج أوهامه واضطرابه، وقد تركه النقاد وتنالوه شديدًا، وهو من رجال ابن ماجه وحده. • وقد توبع عليه الزهرى على الوجه الأول عن أبى سلمة عن أبيه به نحوه ... تابعه: ١ - محمد بن عمرو بن علقمة عن أبى سلمة: أن أباه عاد أبا الرداد فقال له أبو الرداد: ما أحد من قومك أوصل لى منك. فقال عبد الرحمن: "سمعت رسول الله يحكى عن ربه جل وعز قال: أنا الرحمن وهى الرحم اشتققت لها من اسمى فمن وصلها وصلته ومن قطعها قطعته" أخرجه أبو العباس البرتى [رقم ١٥]، وابن ناصر الدين الدمشقى في "مجالس في التفسير" [ص ١٤٦ - ١٤٧/ طبعة دار القبلة]، من طريقين عن حماد بن سلمة عن محمد بن عمرو به. قلتُ: قد اختلف في سنده على محمد بن عمرو على ألوان، فرواه عنه حماد بن سلمة على الوجه الماضى، وخالفه إسماعيل بن جعفر، فرواه عن محمد بن عمرو فقال: عن أبى سلمة قال: قال الله: "أنا الرحمن، وهى الرحم، اشتققت لها من اسمى فمن يصلها أصله، ومن يقطعها أقطعه فأبته" هكذا مرسلًا، أخرجه إسماعيل بن جعفر في "حديثه" [رقم ٢٠٨] حدثنا محمد بن عمرو به ... قلتُ: وخالفهما جماعة آخرون، كلهم رووه عن محمد بن عمرو فسلكوا فيه الجادة، فقالوا: عن محمد بن عمرو عن أبى سلمة عن أبى هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال الله عز وجل: "أنا الرحمن وهى الرحم شققت لها من اسمى من يصلها أصله ومن يقطعها أقطعه فأبته" فنقلوه إلى "مسند أبى هريرة"، هكذا أخرجه أحمد [٢/ ٤٩٨]، وهناد في "الزهد" [رقم ٩٩٨]،=