واختلف فيه على مالك، فرواه عنه يحيى الليثى والشافعى وابن وهب والقعنبى ومصعب وعبد الله بن يوسف وغيرهم على هذا الوجه الماضى. لكن أبا على الحنفى قد أبى ذلك، ورفض إلا أن يرويه عن مالك فيقول: عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جده به ... ، هكذا أخرجه البزار [١٠٥٦]، والدارقطنى في "غرائب مالك" كما في"نصب الراية" [٣/ ٤٤٦]، والخطيب في "الرواة عن مالك" كما في "التلخيص" [٣/ ١٧٢]، وابن عبد البر في "التمهيد" [٢/ ١١٥]، وابن المنذر كما في "الفتح" [٦/ ٢٦١]، والمحفوظ هو الأول. وهو الذي رجحه الدارقطنى في "علله" [٤/ ٢٩٩]، وأبو على الحنفى شيخ ثقة إن شاء الله وإن تكلم فيه ابن معين في رواية عنه، قال الحافظ في "التقريب": "صدوق لم يثبت أن يحيى بن معين ضعفه". قلتُ: وفى هذا نظر، بل نظران: أما قوله: "صدوق" فليس بذاك، بل هو ثقة صالح من رجال الجماعة، وثقه جماعة ولم يتكلم فيه أحد عند الحافظ، وأما قوله: "لم يثبت أن ابن معين ضعفه" فنقول: بل قد ثبت ذلك بالإسناد الصحيح المتصل إلى ابن معين به ... كما شرحناه في الحديث [رقم ٤٦]، لكن صح عن ابن معين في رواية أخرى أنه قال عنه: "لا بأس به ... " وهذا أولى من الأول؛ لموافقته تؤثيق الجماعة له. لكن هذا لا يمنع أن يكون أبو على ما عُصم من الوهم والخطأ، بل مخالفة حفاظ أصحاب مالك له كافية بكونه ما أتى به على وجهه عن مالك. وعلى التسليم بكونه قد حفظه عن مالك، فهو منقطع أيضًا؛ لأن جد جعفر بن محمد هو: على بن الحسين زين العابدين، ولم يدرك عمر ولا عبد الرحمن أيضًا، قال الحافظ في "الفتح" [٦/ ٢٦١]،: "فإن كان الضمير في قوله: "عن جده" يعود على، محمد بن على؛ فيكون متصلًا؛ لأن جده الحسين بن على سمع من عمر بن الخطاب ومن عبد الرحمن بن عوف ... ". قلتُ: إن صح هذا - وهو لا يصح - فليس بمتصل أيضًا؛ لأن محمد بن على إن لم يكن لم يدرك جده الحسين فهو لم يسمع منه كما جزم به غير واحد. راجع "جامع التحصيل" [ص ٢٦٦]، ثم وجدتُ الحافظ قد مال إلى هذا فقال [٣/ ١٧٢]: "في سماع محمد من حسين نظر كبير".=