قلتُ: والأشبه عندى أن أكثر هذه الوجوه محفوظة عن هشام، لاسيما الوجه المرسل، وحديثه عن سعيد، وحديثه عن جابر. وقد قلنا مرارًا بأن الوجه المرسل لا يُعارض الوجه الموصول على الإطلاق، بل إذا تساويا جميعًا من حيث الثبوت والصحة، ولم يظهر للناقد رجحان أحدهما على الآخر - مثل هذا الحديث - فالقول بكونهما محفوظين معًا هو الأصوب من إهدار أحدهما بدون برهان. وحديثنا هذا من ذاك القبيل، فنحمله على أن عروة كان يرويه تارة عن سعيد بن زيد، ثم صار يُفتى الناس به ... ولا يذكر فيه سعيدًا، ولا مانع من أن يكون ولده هشام له فيه أكثر من شيخ، لاسيما والوجوه الثلاثة الماضية ثابتة إليه بأسانيد عجيبة، كأن عليها من شمس الضحى نورًا، وراجع "الإرواء" [٦/ ٤] للإمام. ٩٥٨ - أخرجه الطيالسى [٢٤١]، وأحمد في "فضائل الصحابة" [٢/ رقم ١٥٧١]، وابن راهويه في "مسنده" كما في "المطالب" [رقم ٤٢٤٧]، وغيرهم، من طريق شعبة عن سعد بن إبراهيم رواية عن سعيد بن زيد به ... قلتُ: وهذا منقطع جدًّا، وقد صرح سعد بكون جماعة رووه عن سعيد به ... ولم يذكر منهم أحدًا، ولشعبة فيه إسناد آخر، يرويه عن سماك بن حرب عن رجل عن عمه عن سعيد به ... ، هكذا أخرجه الطيالسى [٢٢٢] واضطرب فيه سماك، فمرة رواه كما مضى، وتارة قال: سمعتُ رجلًا عمه سعيد قال مرة عن سعيد. ثم ذكره ... ثم قال سماك: وإما أن الرجل قال للنبى - صلى الله عليه وسلم -، يعنى ذكره مرسلًا. هكذا أخرجه البزار [١٢٣٧]، وتصحف عنده (سعيد) إلى (سعد) وراجع "علل الدارقطنى" [٤/ ٤٠٢]، [٦/ ٢٧]، والحديث لا يصح.