للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بابه. وقوله: (إنما قال الله -عز وجل-: {لَيْسَ عَلَيْكُمْ} تقدم الكلام على لفظ (إنما) في حديث عمر في النية، وكذا قوله -رحمه الله- في شرح الآية أول الكتاب. وقوله: {لَيْسَ} لفظ الآية الكريمة: {فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ} لأنها واقعة في جواب قوله تعالى: {وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ}، ومعنى هذا السؤال أن أمية استشكل القصر مع الأمن، لأن ظاهر الآية يقتضي اشتراط الخوف، وسبقه إلى ذلك عمر - رضي الله عنه - ويعلى بن أمية. والجناح المنفي هنا هو الإثم، ويطلق على الميل إلى الإثم، وأصله من: جنح؛ إذا مال، والإثم: ميل عن طريق الصواب و (لا) نافية للجنس و (جناح) اسمها مبني على الفتح، والخبر محذوف تقديره موجود. (أن تقصروا) أي في أن تقصروا، فالمصدر المنسبك من أن وما دخلت عليه في محل جر، وسيأتي الكلام على الآية في الكلام على القصر إن شاء الله تعالى. وقول ابن عمر: (يا ابن أخي) هذا من باب الأدب في الخطاب، وهو ابن أخيه في الإِسلام، وجملة (ونحن ضلال) جملة في محل نصب على الحال، والمراد بقوله: (نحن) يعني سائر الأمة، ضلال جمع ضال وهو المخطئ للصواب، وأصله: الغيبوبة والهلاك ويطلق على النسيان والخطأ في الطريق وفي الدين، وهو ضد الهدى قال تعالى: {مَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا}، ومن إطلاقه على الغيبوبة قوله تعالى: {وَقَالُوا أَإِذَا ضَلَلْنَا فِي الْأَرْضِ} غبنا فيها، ومنه قول النابغة:

فآب مضلوه بعين جليّة ... وغودر ربا لجولان حزم ونائل. اهـ.

ومن إطلاقه على النسيان قوله تعالى: {أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى} أي تنسى ويطلق على الخطأ كما هو مقرر في كتب اللغة، وقوله: (فعلمنا) إلى آخره، أي علّمنا أمر ديننا الذي نهتدي به من الضلال، وهذا الجواب شبيه بجواب النبي - صلى الله عليه وسلم - لعمر في هذا السؤال حيث قال: (صدقة تصدق الله بها عليكم). وفيه دليل على أن بيان أصل الحكم في التشريع أبلغ، وأن الإنسان إذا علم أن الأمر من الله ورسوله وجب عليه التسليم والرضى، وفيه: أن الخوف لا يشترط في جواز القصر في السفر، يأتي لذلك مزيد بيان إن شاء الله.

وقول الشعيثي معناه أن الزهري قد روى هذا الحديث عن عبد الله بن أبي بكر لرواية الشعيثي.

<<  <  ج: ص:  >  >>