تقدم الكلام على قوله:(أرأيتم) مستوفى في آخر الطهارة، وهي كلمة تستعملها العرب للإستفهام، فإن كان عن حال المخاطب نحو: أرأيتك نفسك على أي حال؟ ضم التاء للمخاطب وكسر للمؤنثة وثنيت وجمعت وبترك الهمز أكثر، والكاف حينئذٍ مفعول به: وإن أردت الإستفهام عن غير المخاطب لزم التاء الفتح والإفراد، وفرّق بين المفرد وغيره بأداة الخطاب، وترك جائز فيها بل هو الأكثر في كلام العرب، فهي تجري عندهم مجرى: أخبرني إما عن نفسه وإما عن غيره، والهمزة للإستفهام التقريري وهو حمل المخاطب على الإعتراف: والتاء للخطاب وتقدم أنها في هذه الحالة تلزم الفتح والمعنى: أخبروني، وفي رواية بالكاف والميم ولا محل لهما من الإعراب، والميم للدلالة على الجمع. وقوله:(لو أن) الأصل في الإستعمال أن يلي (لو) فعل ويكون له جواب، قال الطيبي: وضع الإستفهام موضعه تقريرًا أو تأكيدًا والتقدير: لو ثبت أن نهرًا صفته كذا لما بقي من الدرن إلخ، وهو يأتي في العربية لوجوه خمسة أو ستة أحدها: أن يكون للدلالة على مجرد الشرط وهو ربط السبب بالمسبّب، وتقييد الإمتناع إما للجزءين: الشرط والجزاء، وإما للشرط، والجزاء إن ساوى الشرط امتنع وإلا فلا، ولإفادتها صح مجيء الإستدراك بعدها في قول الشاعر:
لو كان حمد يخلد الناس لم تمت ... ولكن حمد الناس ليس بمخلد
والأول المشهور عند النحويين ورجح ابن هشام الثاني.
الوجه الثاني: أن تكون حرف شرط في المستقبل كما قال ابن مالك:
لو حرف شرط في مضي ويقل ... إلاؤه مستقبلًا لكن قبل
فهي بمنزلة (إن) إلا أنها لا تجزم كقول أبي صخر الهذلي:
لو تلتقي أصداؤنا بعد موتنا ... ومن دون رمسينا من الأرض سبب
لظل صدى صوتي وإن كنت رمًّة ... لصوت صدى ليلى يهش ويطرب
وسُمع الجزم بها، قيل: لغة وقيل: ضرورة شعر كما في قول الشاعر:
تامت فؤادك لو يحزنك ما صنعت ... إحدى نساء بني ذهل بن شيبانا