قوله:(قلت: اللهم يسر لي جليسًا صالحًا) تقدم الكلام على لفظ (اللهم) وأن الأصل فيها: يا الله، حذف حرف النداء وعوّض منه الميم. وقوله:(جليسًا) أي مجالسًا وهو من يجلس كثيرًا مع الإنسان ويحادثه، (صالحًا) أي من أهل الصلاح لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - رغّب في الجليس الصالح، وهو الذي يذكرك بالله ويدلك على الخير، إذا أردت خيرًا أعانك عليه، وقد ضرب له النبي - صلى الله عليه وسلم - المثل المشهور ببايع الطيب الذي تجد منه الريح إن لم تشتر منه أو يحذيك. وقوله:(فجلست إلى أبي هريرة) أي معه وفي بعض الروايات: (فدخلت المسجد فجلست. . .) إلخ، فهي تدل على أنه جلس معه في المسجد، وقوله:(بحديث سمعته من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -) أي ليس بينك وبينه واسطة فيه (لعل الله أن ينفعني به) أي بالعمل بمقتضاه، وقوله:(سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول) جملة (يقول) في محل نصب على الحال، وقوله:(إن أول ما يحاسب) مقول القول ولهذا كسرت الهمزة من إن، و (ما) اسم موصول في محل جر بالإضافة، وصلتها جملة: يحاسب به العبد، وقوله:(العبد) أي الشامل للذكر والأنثى ولكن المراد به المؤمن دون غيره، وقوله:(يحاسب به) أي عليه، والمراد النظر فيه: هل هو على الوجه الأكمل أو غيره؟ ويحتمل أن هذا من جملة العرض لأن مناقشة الحساب لا تكون لأكثر المسلمين، كما في حديث عائشة:"من نوقش الحساب عذب قالت: قلت: ألم يقل الله: {فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا} قال: إنما ذلك العرض، ولكن من نوقش الحساب عذب". وأما الكافر فقد قال الله في حقه:{فَلَا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْنًا} وقوله: (بصلاته) الباء يحتمل أنها زائدة لأن الرواية الأخرى بحذفها، وإن كان الأصل عدم زيادتها في خبر (إن)، ويحتمل أن الأصل: يحاسب بصلاته، فحذف الفعل لدلالة السياق عليه أي: على صلاته المعروضة، بدليل آخر الحديث فإن فيه ذكر التطوع بعد ذلك، فدل على أن الأول الفرض. وهذا لا يعارض الحديث الآتي للمصنف:(إن أول ما يقضى فيه بين العباد في الدماء) لأن ذلك بالنسبة إلى حقوق الآدميين، وهذا بالنسبة لحق الله فيما بينه وبين عبده فأوله الصلاة. وقوله:(فإن صلحت) أي وجدت صالحة أي تامة على الوجه المطلوب شرعًا، بأن أتم سننها وآدابها