للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وخشوعها وأذكارها وأدعيتها، بعد الشروط التي تشترط لها وأركانها. والصلاح ضد الفساد والمعنى: وجدت في صحيفته على الوجه المطلوب شرعًا كاملة، كما تقدم في حديث عبادة: (من جاء بهن ولم يضيع شيئًا منهن. . .) الحديث. وقوله: (فقد أفلح) الفاء واقعة في جواب الشرط، وأفلح أي نال الفلاح وهو: الظفر بالمطلوب والنجاة من المكروه، ويطلق على البقاء كما قال لبيد:

نحل بلادًا كلها حلّ قبلنا ... ونرجو الفلاح بعد عاد وحمير

وقول الشاعر:

لو كان حيًا مدرك الفلاح ... أدركه ملاعب الرماح

ويطلق على السحور كما في حديث: "حتى خشيت أن يفوتنا الفلاح" يعني السحور. وأصل اللفظ من الشق، ومنه سمي الفلَّاح لأنه يشق الأرض، والأفلح: مشقوق الشفة السفلى كما يقال لمشقوق العليا: أعلم. والفلاح هنا فيه معنى البقاء، وفيه معنى النجاة من المكروه والظفر بالمطلوب، والمرامي العالية لا تنال غالبًا إلا بالتعب كما قال الشاعر:

تريد إدراك المعالي رخيصة ... ولابد دون الشهد من إبر النحل

ودخول الجنة مستلزم البقاء فيها. وقوله: (أنجح) النجاح هو الحصول على المراد، فهو بمعنى الفلاح فيكون ذكره من باب التوكيد. وقوله: (وإن فسدت) الفساد ضد الصلاح ولهذا قابله به وتفسيره هنا: نقصانها وعدم تمامها كما تقدم، وقوله: (قال همام: لا أدري) شك منه في رفع هذا الأخير من الحديث، وسيأتي التصريح برفعه في الرواية التالية، وقوله: (أو من الرواية) أي من الحديث المرفوع. وقوله: (فإن نقص من فريضته شيء) بإسناد الفعل إلى شيء، بمعنى أنها لم تكن كاملة وهو بأمرين: النقص المخل بالصحة وعدم الفعل فيكون نقصًا في أصل الفرض، أو النقص في المتممات من السنن والمستحبات، والأول أظهر للإطلاق، فإن لفظ شيء هنا نكرة في سياق الشرط، والأصل فيها العموم ولم يصحبها ما يدل على التخصيص. وقوله: (ما نقص من الفريضة) كذلك ظاهر العموم، وقوله: (قال) أي الله -عز وجل- للملائكة: (انظروا هل لعبدي من تطوع) أي في صحيفة عمله، وليس ذلك خافيًا على الله ولكن لإظهار ما للعبد من تقصير أو تشمير في طاعته، وقوله: (لعبدي) بياء

<<  <  ج: ص:  >  >>