للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فسكن الباء للجزم، فحذفت الياء التي هي العين لإلتقاء الساكنين، ولولا تسكين الباء لم تحذف. ومن بعض الروايات: لا يلج، بدل: لن يلج. وقوله: (يلج) أي يدخل، وهي من الأفعال التي أعلمت بحذف لامها لأنها من: فعل يفعل؛ بكسر العين، وهذا الوزن إذا جاء فاؤه واوًا حذف في المضارع المبدوء بالياء، وألحقوا به الأمر والمرة وعد يعد وولج يلج، والأصل: يوعد ويولج، فوقعت الواو ساكنة بين الكسرة والياء فحذفت، على هذه القاعدة المشار إليها بقول ابن مالك:

فا أمر ومضارع من كوعد احذف ... وفي كعدة ذاك الطرد

(النار) هنا يصلح فيه أن تعرب مفعولًا به على رأي من يرى أن قولك: دخلت الدار؛ أن الدار منصوب على المفعولية، والصحيح عندهم في مثل هذا أن الفعل غير متعد، والمنصوب منصوب على الظرفية، واللازم ينصب الظرف. وقوله: (من) موصول في محل رفع فاعل (يدخل) والتعبير بـ (من) أعم من غيره فإنها من صيغ العموم (صلى) أي الصلاة المفروضة، حذف المفعول للعلم به، وقوله: (قبل طلوع الشمس) أي صلاة الصبح، ولا ينافي ذلك أن التغليس بها وفعلها في أول الوقت أفضل لمواظبة النبي - صلى الله عليه وسلم - على فعله، إلا أن من صلاها قبل طلوع الشمس متأخرًا لا يأثم، وأجر المقدم أعظم كما هو الشأن في سائر الصلوات. وقوله: (قبل غروبها) يعني العصر، وقد ورد النهي عن تأخيرها إلى الغروب وأنه فعل المنافقين، وقوله: (لن يلج النار) أي بصفة الخلود إن مات على ذلك، بدليل النصوص التي دلت على أن الأعمال بالخواتيم. وظاهر الحديث أن هذا الوعد لمن صلى من هذين الوقتين ولو مرة، وليس ذلك مرادًا بالإجماع وإنما المراد المواظبة على ذلك، فهو كقوله تعالى: {وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا}. وهاتان الصلاتان تقعان في أوقات يصعب على كثير من الناس المحافظة عليهما إلا بتوفيق من الله، بل المحافظة على الصلوات كلها كذلك قال تعالى: {وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ}. ويحتمل أن المراد عدم دخوله النار مطلقًا، وهو ظاهر الإطلاق في الحديث لأنهما مشهودتان بأن يجتمع فيهما ملائكة بالليل وملائكة النهار، كما في حديث أبي هريرة المشهور وحديث الصحيحين: "ما منكم من أحد إلا سيكلمه ربه ليس

<<  <  ج: ص:  >  >>