وللطبراني نحوه من وجه آخر عن أنس، وفي كل منهما ضعف، قاله ابن حجر. ونقل السمهودي عن ابن زبالة أن القبلة صرفت ونفر من بني سلمة يصلون الظهر في القبلتين، فأتاهم آت فأخبرهم وقد صلوا ركعتين، فاستداروا حتى جعلوا وجوههم إلى الكعبة، فبذلك سمي مسجد القبلتين. ونقل عن سعيد بن المسيب قال: صلّى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى بيت المقدس سبعة عشر شهرًا، وصُرِفَت القبلة قبل بدر بشهرين. قال: والثابت عندنا أنها صرفت في الظهر في مسجد القبلتين. قلت: ولهذا رجح ابن حجر أنها صرفت في القبلتين والله أعلم.
وروى ابن زبالة عن عثمان بن عبد الرحمن حديثًا قال فيه: فبينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلي الظهر في مسجده قد صلى ركعتين؛ إذ نزل عليه جبريل فأشار إليه أن صل إلى البيت، وأسند يحيي عن ابن عباس فذكر الحديث مثل حديث ابن زبالة قال: فبينما رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلي. . . الحديث. وأسند يحيى عن رافع بن خديج قال: صلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ركعتين من الظهر في مسجده بالمسلمين، وأمر أن يوجّه إلى المسجد الحرام فاستدار. قال رافع: فأتانا آت ونحن نصلي في بني عبد الأشهل فقال: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد أُمِرَ أن يوجّه إلى الكعبة، فأدارنا إمامنا إلى الكعبة. والمراد بيحيى في الحديث: هو الحسيني جد أمراء المدينة، له كتاب في أخبار المدينة ولم أقف على حاله.
أما الاختلاف في الصلاة فالظاهر أنها إما الظهر أو العصر، وقد صرح في رواية البراء عند البخاري وغيره: أن أول صلاة صلاها بعد التحويل صلاة العصر، وحمله ابن حجر -رحمه الله- على أنها أول صلاة صلاها في مسجده، وأما أول ما استقبل القبلة ففي الركعتين الأخيرتين من الظهر بمسجد القبلتين. ولفظ الحديث لا يعطي ذلك وإنما حمله عليه قصد الجمع بين الروايات، غير أن رواية صلاته بمسجد القبلتين الظهر للقبلتين ليست بالقوية، وحديث البراء صريح بأن أول صلاة على العموم إلى الكعبة هي العصر، وروي عن مجاهد مثل ما قال ابن حجر: إن نزول الآية في مسجد القبلتين، وفي حديث أبي سعيد بن المعلى عند النسائي قال: كنا نغدوا إلى المسجد على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فنصلي فيه، فمررنا يومًا ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - قاعد على المنبر فقلت: لقد حدث أمر، فجلست فقرأ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هذه الآية: {قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ