السبحة على الصلاة: إما لأنها تنزيه لله أو لأنّ المصلي يسبّح فيها، فيكون من باب تسمية الشيء باسم جزئه. وأما اختصاص هذا اللفظ بالنافلة دون الفرض فهو عرف شرعي، والسّبحة الدعاء وصلاة التطوع، يقال: فرغ فلان من سبحته أي: من صلاة النافلة، سميت الصلاة تسبيحا لأنّ التسبيح تعظيم الله وتنزيهه من كل سوء، قاله في التاج. وظاهر بيت جرير الإطلاق في الصلاة:
أنخنا فسبّحنا ونوّرت السرى ... بأعراف ورد اللون بلق شواكله
فإن ظاهره صلاة الفرض. والمعنى أنه - صلى الله عليه وسلم - كان يصلي النافلة عليها. (قِبَل) أي جهة (أي وجه تتوجه) إليه الراحلة، (ويوتر عليها) أي يصلي عليها صلاة الوتر، (غير أنه) بمعنى: إلا أنه أو لكنه، (لا يصلي عليها المكتوبة)، وقد تقدم الكلام على (غير) والمكتوبة هي المفروضة، كان لا يصلي الصلاة المفروضة على الراحلة، (والراحلة): هي الدابة التي يركبها الإنسان.
• الأحكام والفوائد
قال ابن حجر: وقد أخذ بمضمون هذه الأحاديث فقهاء الأمصار، إلا أن أحمد وأبا ثور كانا يستحبان أن يستقبل القبلة بالتكبير حال ابتداء الصلاة، والحجة لذلك حديث الجارود وابن أبي سبرة عن أنس:"أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا أراد أن يتطوع في السفر، استقبل بناقته القبلة، ثم صلى حيث وجهت ركابه". أخرجه أبو داود وأحمد والدارقطني. واختلفوا في الصلاة على الدواب في السفر الذي لا تقصر فيه الصلاة، فذهب الجمهور إلى جواز ذلك في كل سفر، غير مالك فخصه بالسفر الذي تقصر فيه الصلاة، قال الطبري: لا أعلم أحدًا وافقه على ذلك. قال ابن حجر: ولم يتفق على ذلك عنه -يعني أنه مجرد قول مما روي عنه. وحجته أن هذه الأحاديث إنما وردت في أسفاره - صلى الله عليه وسلم -، ولم ينقل عنه أنه سافر سفرًا قصيرًا فصنع ذلك، وحجة الجمهور مطلق الأخبار في ذلك، وذهب أبو يوسف إلى جوازه في الحضر، ووافقه أبو سعيد الإصطخري من الشافعية، واستدل به أيضًا على أن جهة السفر تكون في هذه الحالة قبلة له، لا يجوز له أن ينحرف عنها لغيرها، كالحال في قبلة الصلاة، وأجاز بعضهم له، الإنحراف إلى جهة القبلة إذا كان السير لغيرها، واستدلوا به على أن الوتر غير واجب لأنه يفعله على الراحلة، وسيأتي الكلام على ذلك. واستنبط منه بعض