وقوله:(عن صلاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -) الجار والمجرور متعلق بيسأل، وهو في محل نصب به، وقوله:(صلاة رسول الله) فيه إجمال لأنه لم يذكر الوجه الذي سأل عنه من أمر الصلاة، ولكن دل الجواب على أنه إنما سأله عن وقت صلاته للصلوات المكتوبة، كما هو مبين في رواية البخاري وغيره فإنه قال: فقال له أبي: كيف كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلي المكتوبة؟ الحديث. وقوله:(قلت: أنت سمعته؟ ) هذا خطاب من شعبة لشيخه سيّار على سبيل التثبت في الرواية، (أنت) للإستفهام وحذفت همزته اكتفاء بالثانية، وقد تقدم مثل ذلك في الطهارة: وقوله: (كما أسمعك) الكاف نعت لمصدر محذوف والتقدير: سماعًا مثل سماعي لك، و (ما) مصدرية، وقوله:(الساعة) ظرف لقوله: أسمعك، وقوله:(فقال بعد ذلك: سمعت أبي يسأل. . . إلخ) أعاد القول بأنه سمع أباه يسأل عن صلاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فأعاد الجملة للتوكيد أي: عن وقتها كما تقدم، وقوله:(كان لا يبالي بعض تأخيرها) أي لا يهتم لذلك ولا يلقي بالًا منه، يقال: ما يبالي أي: ما يهتم، وقد تقدم في أحاديث الغسل في حديث ميمونة لا تذكر فرجًا ولا تباليه، ومنه قول جرير:
وما باليت يوم رأيت دمعي ... له سبل يفيض على نجادي
وقول الآخر:
لقد باليت مظعن أم أوفى ... ولكن أم أوفى لا تبالي
والمعنى: أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - لم يكن يهتم بتقديم العشاء في أول وقتها، لما تقدم من أنه كان يحبّ أن يؤخرها لولا خوف المشقة على الأمة، ومن حديث جابر: والعشاء أحيانًا، وأحيانًا إذا رآهم اجتمعوا قَدّم وإذا رآهم أبطئوا أخّرَ. وقوله:(يعني العشاء إلى نصف الليل) أي نهاية ما يوسّع به في تأخيرها إلى نصف الليل، وهو غاية التأخير. قال النووي -رحمه الله- في شرح حديث عبد الله بن عمرو عند مسلم: إذا صليتم العشاء فإنه وقت إلى نصف الليل، قال: (معناه وقت لأدائها اختيارًا، وأما وقت الجواز فيمتد إلى طلوع الفجر لحديث أبي قتادة عند مسلم:"إنما التفريط على من لم يصل الصلاة حتى يجيء وقت الصلاة الأخرى") اهـ. وقال الإصطخري من الشافعية إذا ذهب نصف الليل صارت قضاءً، واستدل الجمهور على خلافه بحديث أبي قتادة المذكور، لكن