قال ابن حجر: فيه تخصيص بالإجماع في صلاة الصبح. وفي كتاب عمر لأبي موسى:"صل العشاء ما بينك وبين ثلث الليل، فإن أخرت فإلى نصف الليل ولا تكن من الغافلين"، فهذا يدل على أن تأخيرها بعد نصف الليل يعد غفلة عنها، لأنه لم يثبت عنه - صلى الله عليه وسلم - قولًا ولا فعلًا التأخير أكثر من نصف الليل. وقول من قال: إنها بعد نصف الليل ليست بقضاء؛ مبني على تقسيم وقتها إلى مختار ومضيق فيه. وقوله:(ولا يحبّ النوم قبلها) وفي رواية: كان ينهى عن النوم قبلها والحديث بعدها، وفي حديث عمر:"فمنْ نام فلا نامت عينه، ثلاثًا" وذلك أن النوم قبلها يعرضها للضياع، وأما الحديث بعدها فلأنه يعرّض صلاة الصبح للفوات ومفوت للتهجد، ومع ذلك في تركه راحة للكرام الكاتبين كما قالت عائشة -رضي الله عنها-. (قال شعبة: ثم لقيته بعد) أي بعد ذلك، أي لقي سيارا فسأله عن بقية حديث أبي برزة، (وقال) أي قال أبو برزة، لأن ضمير (يصلي) للنبي - صلى الله عليه وسلم -، وعلى ذلك يكون في الكلام اختصارًا كأنه قال له سيار تمام الحديث: قال أبو برزة، وربما كان لفظ الثاني سقط من بعض النساخ، (يصلي الظهر حين تزول الشمس) عن كبد السماء وذلك وقت الإستواء، ثم إذا شرع الظل في الزيادة بعد الإستواء إلى جهة المشرق فذلك وقت الزوال: وهو المراد يقول عمر: صل الظهر إذا كان الفيء ذراعًا. وقوله:(والعصر) بالنصب عطفا على قوله: (الظهر)، وقوله:(يذهب الرجل) أي بعد صلاته معه العصر بالمدينة، وفي رواية: ثم يذهب، وهنا بدون حرف العطف على تقديره. (الرجل إلى أقصى المدينة) والمراد بذلك أحد أطرافها، كما تقدم في تحويل القبلة: أن بعض من صلى معه: أدرك مسجد بني حارثة وهم يصلونها، وفي الرواية الأخرى: بني سلمة، وفي رواية: بني عبد الأشهل وأكثر الروايات بلفظ: إلى العوالي، وهي طرف المدينة من ناحية الجنوب، وبها قرية معروفة بهذا الاسم، وكانت منازل بني النضير ومن جملتها قباء، ولهذا جاء في بعض الروايات إلى قباء. وقوله:(والشمس حية) جملة حالية، وفي الكلام هنا حذف مصرح به في غير هذه الرواية:"فيأتيهم والشمس حيّة" ومعنى حياتها: بقاء حرَّها وصفاء لونها، وفي سنن أبي داود عن خيثمة أحد التابعين:"حياتها أن تجد حرِّها"، وقال ابن المنير: (حياتها: قوة أثرها حرارة ولونًا وشعاعًا وإنارة، وذلك يكون