الحديث مخصصًا للأحاديث التي فيها التصريح بفضيلة أول الوقت، كما سيأتي مثله في صلاة الظهر في الحر. واستحباب التأخير هو قول مالك وأحمد، وقال الترمذي: هو قول أكثر الصحابة والتابعين ومن بعدهم، وأما تأخيرها إلى نصف الليل فهو مباح عند الأكثرين، وما بعد ذلك مكروه كما تقدم، وحكى ابن المنذر أن المنقول عن ابن مسعود وابن عباس: ما قبل ثلث الليل، وهو مذهب الليث بن سعد وبه قال إسحاق والشافعي في الجديد، ومن الإملاء والقديم: تقديمها، قال النووي: وهو الأصح. وفيه: كراهة النوم قبلها والحديث بعدها، لأن النوم بعدها يعرضها للضياع فإنه ربما استغرقه النوم فلا يصليها حتى يخرج وقتها، والحديث بعدها يسبب الكسل والنوم عن الصلاة نافلة كانت أو فرضًا، فيفوته حظه من قيام الليل وربما أداه السهر إلى تضييع الصبح، لكنه إن علم ذلك حرم عليه السهر المؤدي إليه، وقد استثنوا من ذلك ما كان فيه خير ومصلحة، كالسهر في تدبير أمور المسلمين وفي إصلاح ذات البين وملاطفة الزوجة والعيال ومحادثة الضيف لإكرامه ومدارسة العلم، وما يتعلق بذلك من كل ما فيه خير كالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. واستثنى بعضهم من النوم قبلها من كان معه من يوقظه لذلك، وكذلك من اضطر إلى النوم في ذلك الوقت ليتأهب ويستعين به على الحراسة، أو نوم المرضعة أو من يريد أن يسهر في أي مصلحة إذا أمن مفسدة تفويت الصلاة، وكذا نوم المريض للإستراحة على الشرط المذكور. قال الترمذي: كره أكثر أهل العلم النوم قبل صلاة العشاء، ورخص فيه بعضهم في رمضان خاصة، وحمل الطحاوي الرخصة على ما قبل دخول الوقت، والكراهة على بعد دخوله، وروي عن ابن عمر أنه كان يسبُّ من يفعل ذلك، وروي عنه أيضًا أنه كان ربما نام قبلها ولكن يوكل بنفسه من يوقظه، وهذا يدل على أنه يرى العلة معقولة. وقال أنس: كنا نجتنب الفرش قبل صلاة العشاء، أي خشية النوم، وكرهه أبو هريرة وابن عباس وعطاء وإبراهيم ومجاهد وطاوس ومالك والكوفيون، وروي عن علي أنه ربما فعله، وعن أبي موسى وعبيدة، ينام ويوكل من يوقظه، وعن عروة وابن سيرين والحكم أنهم كانوا ينامون نومة قبل الصلاة، وكان أصحاب عبد الله يفعلون ذلك، وبه قال بعض الكوفيين محتجين بأن الكراهة معللة، فإذا أمنت العلة فلا