قوله:(جميعًا) حال من قوله: (صلى) أي مجموعتين في وقت واحد. وقوله:(من غير خوف) أيضًا في محل نصب على الحال.
• الأحكام والفوائد
الحديث ظاهره جواز الجمع بين الصلاتين من غير عذر، وهو محتمل لوجوه الجمع كلها:"جمع التقديم وجمع التأخير والجمع الصوري". فأما جمع التقديم فالاتفاق حاصل على عدم جوازه في هذه الحالة الخالية من العذر، ولأنه ورد في بعض الروايات كما سيأتي للمصنف أنه أخر الأولى وعجل الثانية، وهذا يرجح احتمال الجمع الصوري. وقول من قال: إنه يشق أكثر من الصلاة في وقتها؛ غير مسلم فلهذا اختلف العلماء في معنى هذا الحديث: وقد تقدم أن مالكًا حمله على المطر، ويرده الرواية الأخرى وفيها: من غير خوف ولا سفر، وأيضًا فإن ابن عباس صرح بالعلة في قوله: أراد أن لا يحرج أمته، وأما دعوى أن قول أبي الشعثاء لما سأله أيوب. لعل ذلك في ليلة مطيرة قال: عسى؛ أنه تفسير من الراوي فهو بعيد، لأن الراوي ابن عباس وهو الشاهد، ولم يرد عنه ذلك بل علل الأمر بغيره، وأيضًا فهو كقول مالك يرده الرواية الأخرى: من غير خوف ولا مطر. وقد اختلف العلماء فيه حتى قال الترمذي -رحمه الله - في آخر كتابه: ليس في كتابي حديث أجمعت الأمة على ترك العمل به؛ إلا حديث ابن عباس في الجمع بالمدينة من غير خوف ولا مطر، وحديث قتل شارب الخمر في المرة الرابعة. قال النووي في قول الترمذي: وهذا الذي قاله الترمذي في حديث شارب الخمر كما قاله، فهو حديث منسوخ دل الإجماع على نسخه، وأما حديث ابن عباس فلم يجمعوا على ترك العمل به بل لهم أقوال. ثم ذكر التأويلات فيه، منها: تأويله بأنه لعذر المطر، وضعّفه وهو ضعيف كما تقدم، وتأويل بعضهم أن المراد به يوم الغيم فالتبس، وهذا أبعد ما قيل فيه من التأويلات، وتأويله على الجمع الصوري وضعّفه أيضًا بأنه مخالف للظاهر، وأن قصة ابن عباس وهي أنه اشتغل بالخطبة حتى غربت الشمس. قال: واستدلاله بالحديث وتقرير أبي هريرة له كل ذلك يضعف هذا التأويل، ورجّح كونه محمول على الجمع بعذر المرض ونحوه، ورجّحه ونسب