الرواية بذلك عنه. ولا يبعد أن تكون رواية: في أول وقتها، ثابتة وتكون مبيّنة وموضحة للمراد من قوله: على وقتها، فإن بعض الشيوخ فسّره بذلك كابن بطال -وإن تعقبه ابن حجر ثم العيني بأن اللفظ لا يعطي ذلك، وسبقهما إلى ذلك ابن دقيق العيد قائلًا: إن اللفظ -يعني: على وقتها- لا يعطي أولًا ولا آخرًا، لكن إن صحت رواية: في أول وقتها، تكون تفسيرًا لها. ولم يُعلوها إلا بتفرد علي بن حفص، وهي مع كونها أخرجها الدارقطني والحاكم والبيهقي , فيشهد لها ما أخرجه ابن خزيمة في صحيحه والحاكم وغيرهما من طريق عثمان بن عمر عن مالك بن مغول عن الوليد، وإن كان عثمان تفرد به فهي تُعَضِّدْ الرواية الأولى. وذكر ابن حجر أن الحسن بن علي المعمري رواه في اليوم والليلة عن أبي موسى محمَّد بن المثنى عن غندر عن شعبة، وإن أعلّه الدارقطني بتفرد المعمري؛ فالروايات الثلاث يقوي بعضها بعضًا وتفسر المراد من قوله:(على وقتها) , ولعل الناقلين رأوا أن هذه الألفاظ معناها واحد. وقد ذكر القرطبي في تفسير رواية اللام: لوقتها، بأنها للاستقبال، كقوله:(لعدتهن) أي مستقبلات عدتهن، وقيل: للابتداء كقوله تعالى: {لِدُلُوكِ الشَّمْسِ}، وقيل بمعنى:(في أي وقتها). وأما رواية (على) فقيل: بمعنى اللام، ففيه الاحتمالات المتقدمة، وقيل: لإرادة الاستعلاء على الوقت، وفائدته تحقق دخول الوقت ليقع الأداء فيه: وقوله: (وبر الوالدين) هكذا في رواية المصنف، وكأنها مختصرة من الروايات الأخر لأن فيها "قلت: ثم أي"، البر بكسر الباء: "الإحسان إليهما والقيام بخدمتهما من غير تضجر ولا شكوى، وترك العقوق والإساءة، فهي كلمة شاملة لأنواع الإكرام والاحترام والقيام بالواجب، من: بر يبرّ فهو بارّ، والجمع بررة. قال ابن حجر: قال بعضهم: هذا الحديث موافق لقوله تعالى: {أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ}، قال: وكأنه أخذه من تفسير ابن عيينة حيث قال: من صلى الصلوات الخمس فقد شكر لله، ومن دعا لوالديه عقبهما فقد شكر لهما. وقوله:(ثم الجهاد في سبيل الله) الجهاد هو: بذل الجهد في المقصود، والمراد به هنا: بذل الجهد من المال والبدن في قتال الأعداء لإعلاء كلمة الله تعالى.
• الأحكام والفوائد
الحديث يدل على أن أعمال البر متفاضلة وله شواهد كثيرة، وفيه إشكال