للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الصحيحين أن عمر جاء يوم الخندق وجعل يسب كفار، الحديث ولا حديث علي أيضًا في دعائه - صلى الله عليه وسلم - عليهم لأنهم شغلوه عن صلاة العصر، لاحتمال تكرر ذلك لأن الحصار دام عليهم مدة. ولم يذكر في هذه الرواية أذانًا، وقد ثبت في غيرها كنومهم عن الصلاة، فلذلك اختلف العلماء في حكمه في هذه الحالة عند قضاء الصلاة أو الصلوات بعدما خرج وقتها، كما سيأتي في الأحكام إن شاء الله. وقوله: (ثم طاف علينا) أي بعد أن صلى بهم ليطيب خواطرهم، وقال لهم: (ما على الأرض عصابة) جماعة من الناس (يذكرون الله غيركم) وهذا فيه تسلية لهم لأن الإِسلام إذا ذاك مقصور على أهل المدينة، كما تقدم في تأخيره لصلاة العشاء.

• الأحكام والفوائد

والحديث فيه دليل على تأخير الصلاة لعذر القتال، وهو منسوخ بصلاة الخوف عند الأكثرين، كما يأتي في حديث أبي سعيد الخدري (٦٥٨) أن ذلك كان قبل أن ينزل في القتال ما نزل، وفي رواية للشافعي قبل أن ينزل: {فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالًا أَوْ رُكْبَانًا}. وفيه: وجوب قضاء الفائتة من الصلاة، وهو محل اتفاق في المنسية وما في حكمها كما تقدم، وهكذا من منعه عذر شرعي عنها، وأما تأخيرها للقتال فقد تقدم أنه منسوخ عند الأكثرين. وفيه: دليل على جواز الجماعة في الفائتة كالحاضرة، وفيه: دليل على وجوب الترتيب بين الصلوات عند القضاء. وفيه: الأذان للفائتة، وقد اختلف فيها الفقهاء وبه أخذ أحمد وأبو ثور وأبو حنيفة، وهو قول الشافعي في القديم أن الفائتة يؤذن لها ويقام، وذهب مالك والشافعي في الجديد إلى أنه يقام لها ولا يؤذن. وكل من الطائفتين تحتج لما ذهبت إليه ببعض روايات هذه الأحاديث، لأن الأمرين كل منهما قد ورد وثبت فعله، فيبقى ذلك محمولا على بيان جواز كل من الأمرين، ولكن الأولى تخصيص الخلاف بغير حال السفر، لأن الأذان مطلوب فيه على كل حال إلا في الثانية إذا جمع. وقد ذكر بعضهم الخلاف على قوله هل الأذان للوقت أو للصلاة؟ ثم رجح كونه للصلاة بقوله تعالى: {إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ}، وهو غير جيد لأن المعنى: لحضورها عند دخول وقتها، فلا يتم استدلاله، وقد جاء أيضًا: إذا ناديتم للصلاة والله أعلم. وفيه: أن الله يمتحن العباد ولو كانوا أهل صلاح وهم في طاعة. وفيه: كرم خلقه - صلى الله عليه وسلم - ومحافظته

<<  <  ج: ص:  >  >>