للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

الأذن -بفتحتين- وهو الاستماع. والأذان: اسم يقوم مقام الإيذان، وهو المصدر الحقيقي، والأذان والتأذين والأذين: الإعلام بوقت الصلاة. قال الفرزدق:

وحتى علا في كل مدينة ... مناد ينادي فوقها بأذين

وقال الآخر:

طهور الحصل كانت أذينًا ولم تكن ... بها ريبة مما يخاف تريب

وقال جرير:

هل تملكون من المشاعر مشعرًا ... أو تشهدون مع الأذان أذينا

وهو شرعًا: الإعلام بدخول وقت الصلاة بألفاظ مخصوصة، وهي مشتملة على أصل الاعتقاد: وهو تعظيم الله تعالى والشهادة له بالوحدانية ونفي الشريك والشهادة لمحمد - صلى الله عليه وسلم - بالرسالة، وهذا معنى كلمة الإخلاص، ثم الدعاء إلى الركن الأعظم بعد الشهادتين، ثم الدعاء إلى الفلاح وهو البقاء في النعيم، ولا يحصل ذلك إلا بامتثال الأوامر واجتناب النواهي، مع اعتقاد البعث بعد الموت والجزاء بالأعمال. فهو ألفاظ قليلة تجمع معاني كثيرة جليلة، ولهذا صار شعيرة من شعائر الإِسلام، وفيه الندب إلى الاجتماع على طاعة الله تعالى. قوله: (بدء الأذان) البدء مصدر في الأصل، وهو: أول وجود الشيء أو حصوله، وبدء الأذان بالمدينة في السنة الأولى على الصحيح، وقد وردت أحاديث تدل على أن الأذان شرع بمكة، وكلها ضعيفة لا يصح منها شيء للاحتجاج، وهي معارضة بالأحاديث الصحيحة الثابتة بأن الأذان لم يشرع إلا بالمدينة، فوجب الأخذ بها للاتفاق على صحتها كما سيأتي إن شاء الله تعالى -وقد ذكر الحافظ ابن حجر -رحمهُ الله- منها: حديث عمر عند الطبراني وفي إسناده متروك وهو طلحة بن زيد، وحديث أنس عند الطبراني في الأطراف وسنده ضعيف، وحديث عائشة عند ابن مردويه وفيه مجهول لا يعرف، وحديث علي عند البزار وفيه أبو الجارود زياد بن المنذر: متروك. وقد اختلف في حكم الأذان وذكر البخاري بعد هذه الترجمة آيتين: قوله تعالى: {وَإِذَا نَادَيْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ} الآية، وقوله تعالى: {إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ} [الجمعة: ٩] ولم يتعرض لبيان حكمه، وعلل ابن حجر ذلك بأنه لم يترجح عنده شيء في حكمه، وكأن

<<  <  ج: ص:  >  >>