للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقوله: (لما كان) (لما) هي الرابطة، وتقدم الكلام عليها في الطهارة، وقوله: (كان وقعة الفتح) كان هي التامة بمعنى: حصلت، والمراد بوقعة أي الغزوة التي غزاها - صلى الله عليه وسلم - لفتح مكة، ففتحها الله له كما وعده بذلك، وأل في (الفتح) للعهد الذهني لأنها معروفة عند الناس، وذلك في رمضان سنة ثمان من الهجرة بلا خلاف. وقوله: (بادر) جواب (لما)، والمبادرة: المسارعة إلى الشيء، وقد أخبر الله تعالى بذلك أنه سيكون، قال تعالى: {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ (١) وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا (٢)}. فلما فتحت مكة وجاء نصر الله على قريش، بادر الناس إلى الدخول في الإِسلام، وأقبلت وفود العرب من أقطار الجزيرة تبايع على الإِسلام، لأن العرب كانوا يترقبون بالإِسلام أهل مكة، لأنهم أهل الحرم وقادة العرب في الدين في الجاهلية. وقوله: (بإسلامهم) أي سارعوا بإظهارهم للإسلام ووفدوا عليه - صلى الله عليه وسلم - لذلك، وقوله: (فذهب) الفاء سببية أو عاطفة والأول أظهر، أي ذهب وافدًا على النبي - صلى الله عليه وسلم - ومخبرًا له بإسلام (أهل حوائهم) أي من معهم من قومهم، والحواء -بكسر الحاء ككتاب- والمحوى -كالمعلى: جماعة البيوت المتدانية، وتجمع على أحوية جمع حواء: وهي بيوت الوبر التي تكون في مكان مجتمعه. قال ذو الرمة واسمه غيلان بن عقبة العدوي:

محل الحواءين الذي لست ذاكرًا ... محلهما إلا غلبت على صبري

يعني الدار التي كانت تجمعهما في قوله:

فلما أن عرفت الدار واعتزني الهوى ... تذكرت هل لي إن تصابيت من عذر

والحواء أيضًا: المكان الذي يحوي الشيء، ومنه قول الصاحبية التي خاصمت زوجها في ابنها: (كان بطني له وعاء وحجري له حواء). وقوله: (جئتكم من عند النبي حقًا) أكد لهم نبوته لأنهم لم يكونوا مسلمين، وقوله: (صلوا. . . إلى آخره) بيان لأوقات الصلاة، وقوله: (فليؤذن أحدكم) لم يشترط في الأذان وإنما اشترط في الإمامة؛ لأن صحة صلاة المأمومين تابعة لصلاة إمامهم، وتمام الحديث في البخاري وفيه: (كنت أكثرهم قرآنًا) وذكر سبب ذلك ما كان يحفظ مما يسمعه من الركبان إذا مروا عليه من عند النبي - صلى الله عليه وسلم -، فيسمعهم يقرءون شيئًا من القرآن فيحفظه قبل إسلامه.

<<  <  ج: ص:  >  >>