ووجدناه قد قال: رفع القلم عن ثلاثة: عن الصبي حتى يبلغ، الحديث. فدل على أنه غير مأمور ولا مكلف، فلا تجزئ إمامته ولا أذانه لأنهما لا تجزئان إلا من مكلف بهما) اهـ بتصرف قليل في آخره، وقال: إن التفرقة بين الفرض والنفل لا برهان عليها. وأما من أجازها في النفل فقالوا: إن الحديث المذكور في رفع القلم دل على أن صلاته نافلة، فصحت خلفه النافلة. ورووا عن الأثرم أثرًا عن ابن مسعود، وكذا رووا عن ابن عباس: لا تجوز إمامة الغلام حتى يحتلم، وقال ابن مسعود: حتى تجب عليه الحدود، وقالوا إن هذا الحديث كان في أول الإِسلام. قلت: ولا يصح ذلك إلا بالنسبة لعمرو وقومه، لأن القصة عام الفتح، ونقل الخطابي أن الإِمام أحمد ضعّف أمر عمرو بن سلمة، وقال مرة:(لا تذكره) اهـ قال الشوكاني، ورد بأن عمرًا صحابي مشهور. اهـ وقد ذكر ابن حجر أنه مختلف في صحبته، وأنه قيل: إنه وفد مع أبيه على النبي - صلى الله عليه وسلم -. ومما استدلوا به في عدم صحة الاقتداء به قوله: إنه كانت تبدو إسته؛ فإن هذا دليل على أنه كان يصلي مع كشف العورة، وذلك غير جائز. وقول ابن حجر: إنها حكاية حال؛ يرد عليها بمثلها في صلاته لقومه، وهو نظير استدلاله على نجاسة الكلب بالغسل، ورده للاستدلال بالغسل على النجاسة في المني، وقد تقدم ذلك في محله. أما قول الشوكاني: إن الاستدلال بكشف العورة على أنها حالة خاصة؛ من الغرائب وغريب منه، واحتجاجه بنهي النساء عن رفع رؤوسهن قبل الرجال غير وجيه، فإن ذلك كان ناشئًا عن قصر أزر الرجال، فأمرن بذلك للاحتياط لأن العورات كانت مكشوفة، وعلى فرض كشفها فهو بحكم الضرورة، وإذا كان الأمر للضرورة لم يتسن الاحتجاج بالحديث حينئذ، مع أن الذي يظهر أن إمامة عمرو كانت اضطرارًا لعدم وجود من يقرأ كما دل عليه السياق، فتكون من باب الضرورة، وإليه يشير ما تقدم عن ابن شهاب من جواز ذلك في الاضطرار دون الاختيار.
وكذا للمصنف:"فنظروا فكنت أكثرهم قرآنًا فكنت أؤمهم وأنا ابن ثمان سنين" ٧٨٧، وبهذا من تمام الحديث؛ تكمل الفائدة في تطبيق الأمر في الحديث.