الأذان، وظاهر التعبير أن هذا القول يقارن النداء، وقد تقدم إنما يكون الدعاء بعد النداء أي عند تمامه، وتقدم التعبير بالماضي في الأحاديث السابقة وهو قوله:(إذا سمعتم المؤذن) كما في حديث عبد الله بن عمرو، السابق لهذا الحديث قبله بحديث واحد. وقوله:(اللهم) مقول القول الواقع في سياق الشرط؛ وقوله: اللهم؛ أي: يا الله، ولكنهم يحذفون حرف النداء ويعوضون عنه الميم، كما قال ابن مالك -رحمه الله-:
والأكثر اللهم بالتعويض ... وشذ ياللهم في قريض
وقد تقدم ذلك أول الطهارة في الوضوء بالثلج (٦٠). وقوله:(رب هذه الدعوة) منادى أيضًا حذف منه حرف النداء، أي: يا رب هذه الدعوة، والمراد بها الأذان، ووصفها بكونها تامة لأنها اشتملت على توحيد الله، كما قدمنا أول أحاديث الأذان. وقوله:(والصلاة القائمة) والدعوة -بالفتح-: المرة من الدعاء بخير أو بشرّ، ودعوة الحق: شهادة أن لا إله إلا الله والدعوة -بالكسر- في النسب، والفتح فيها لغة تيم الرباب، والدعوة في الطعام بالفتح وحكي فيها الضم. وقوله:(والصلاة) تقدم الكلام على الصلاة، وقوله:(القائمة) أي الباقية التي لا تزول ولا يزول فرضها على الناس، و (آت) بالمد: أعط، والوسيلة تقدم الكلام عليها في الحديث السابق. وقوله:(الفضيلة) زيادة الكمال في الفضل وكثرة الخير ورفعة المقام عند الله، وهي الدرجة الرفيعة في الرواية الأخرى، وقوله:(وابعثه المقام المحمود الذي وعدته) أي في قوله تعالى {عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا}. والمقام المحمود الأكثرون على أنه الشفاعة الكبرى وقيل: أن يعطيه لواء الحمد، وقيل: بأن يجلسه على العرش يوم القيامة. ونصب المقام على تضمين (وابعثه) معنى: أعطه عند البعث، فيكون المفعول الثاني، أو بنزع الخافض. أي إلى المقام المحمود. وجوّز فيه بعضهم الظرفية، واعترض عليه بأنه اسم مكان غير مختص، وهو اعتراض غير مسلَّم.
• الأحكام والفوائد
تقدم أن هذه الأحاديث دلت على فضيلة الأذان وفضيلة حكايته، وتقدم ذكر الصلاة عليه - صلى الله عليه وسلم - بعده وسؤال الوسيلة، وكل هذا يدل على فضل الدعاء