للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

والرجوع إلى الوراء، ويكون حسيًا أو معنويًا، ومنه قوله تعالى: {وَنُرَدُّ عَلَى أَعْقَابِنَا بَعْدَ إِذْ هَدَانَا اللَّهُ}. وقوله تعالى حكاية عن إبليس لما رأى الملائكة يوم بدر فولى هاربًا: {فَلَمَّا تَرَاءَتِ الْفِئَتَانِ نَكَصَ عَلَى عَقِبَيْهِ}. وقوله: (حتى فرغ) حتى للغاية، وسيأتي الكلام عليها وعلى مسح الخفين إن شاء الله تعالى.

• الأحكام والفوائد

فيه جواز البول قائمًا، لكنه قد علل بكونه كان به وجع في مأبضه فلذلك بال قائمًا، وقد ضعف الحديث فيه، وعلى صحة ذلك يكون فعله للضرورة فلا يكون فيه دليل على الجواز، وقيل: إن العرب كانت تستشفى بالبول قائمًا من وجع الصلب، وقيل: لأن المحل كان غير صالح للقعود، وكل هذه الوجوه تفيد أنه اضطراري لا اختياري، وقيل: فعله لبيان الجواز، وعلى ذلك يكون جائزًا جوازًا لا ينافي الكراهة. وقد وردت أحاديث تدل على النهي عنه ولكنها ضعيفة، وأصحها حديث عائشة: "من حدثكم أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يبول قائمًا فلا تصدقوه، ما كان يبول إلا جالسًا"، وسيأتي للمصنف. وأما بوله على سباطة القوم ففيه وجوه من الاحتمال: يحتمل أنها كانت مشاعة ونسبتها للقوم لقربها منهم، ويحتمل أنها لهم ولكنهم قد أباحوها لذلك، وذكر النووي احتمال أن يكون قد علم حبهم لذلك. ودل الحديث على ما ترجم له المصنف: وهو ترك الابتعاد، وقد علل ذلك باحتمال كونه مشغولًا بشيء من مصالح المسلمين فحصره البول، ولا يبعد أن يكون فعل خلاف عادته لبيان الجواز. وفيه كما قدمنا من استتباع الخادم والرفيق وقت الحاجة، والاستعانة في الوضوء وغيره من الطهارة.

قلت: لا شك أن غالب حالاته - صلى الله عليه وسلم - أن يبول جالسًا، ولم يحفظ عنه أنه بال قائمًا إلَّا في حديث حذيفة هذا، وفيه ما فيه من الاحتمال، وأقصى أمره أن يكون فعل لبيان الجواز ولا ينافي أن السنة خلافه، وأما نفي عائشة لذلك فبحسب علمها، والمثبت مقدم على النافي، لاسيما أن هذا السياق يدل على أنها مسألة نادرة ربما حصلت اتفاقًا، فلا يستغرب أن لا تطلع عليها عائشة وهي خارجة عن محلها الذي هي فيه والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>