قولها:(من صلى في مسجد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -) من شرطية والظاهر أن الجواب محذوف دل عليه المذكور وهو قولها: (فإني) أي فصلاته فيه أفضل إلخ وتكون الفاء مُبَيِّنَةً لسبب قولها، وقولها:(سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -) إلخ دليل على المحذوف ويجوز أن يكون التقدير فليعلم أني سمعت إلخ وهو ترغيب عظيم في الصلاة فيه وقولها: (من صلى) ظاهره العموم في صلاة الفرض والنفل وهو مخصوص بحديث الصحيحين في النافلة في البيت كما سيأتي في صلاة رمضان وظاهره العموم في الرجال والنساء وهو مخصوص بالسنن. ويمكن أن يقال إن هذا الحديث والأحاديث في معناه على عمومها وحديث صلاة النافلة دليل على أنها أفضل من صلاتها في المسجد مع كونها مضاعفة، وهكذا يقال في صلاة المرأة في بيتها أفضل من صلاتها في المسجد مع كونها مضاعفة في المسجد لورود النص بذلك، وهذه أمور توفيقية لا مجال للرأي فيها وقوله:(من ألف صلاة فيما سواه) أي من المساجد وغير المساجد من باب أولى وفي بعض الروايات التعليل بكونه آخر الأنبياء ومسجده آخر المساجد وقوله: (إلا مسجد الكعبة) أي المسجد الحرام الذي فيه الكعبة والسياق يدل على أن المراد نفس المسجد لمناسبته أي المحل المخصص للصلاة فيه المعروف في الشرع بهذا الاسم، وزعم النووي أن المراد به في المدينة المحل المبني خاصة في حياته دون بقية المسجد المزاد بعد ذلك وجعله في مكة عامًا في سائر بيوتها وفي الحرم وليت شعري ما لحامل على هذا التحكم الذي لم يوافق النقل ولا الشرع؛ فإن النقل إذا لفظ حقيقة في محل الصلاة. . . . الشرع والمذكور في الحديث ثلاثة كل منها بلفظ المسجد فمن جاء بهذه التفرقة التي يترتب عليها مساواة من صلى في مسجد مكة ومن صلى في بيته فيؤدي إلى التفرقة. والتكاسل عن الصلاة في المسجد كما يترتب عليها تعطيل أكثر المدينة من الصلاة وحرمان المصلين فيه من هذا الفضل الذي منَّ الله عليهم به والزيادة في المسجد حصلت في زمان الخلفاء الراشدين والصحابة مجتمعون بالمدينة ولم ينقل عن أحد منهم أنه فرَّق بين المسجد في عهده - صلى الله عليه وسلم - بين ما زيد فيه ولم ينقل ذلك فيما علمت عن أحد من العلماء قبله