ما لا يعرفون وعند بعضهم يكون هذا كالإجماع). اهـ. ورجح ابن بطال القول بالمساواة.
• الأحكام والفوائد
الجمهور من العلماء على أن هذا الحديث دل على فضل المسجدين وأن مسجد مكة أفضل من مسجد المدينة وتقدم بعض ما تمسكوا به في ذلك وقال ابن عبد البر:(قال أبو بكر بن نافع صاحب مالك: معناه أن الصلاة في مسجد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أفضل من الصلاة في الكعبة بألف درجة وأفضل من الصلاة في سائر المساجد بألف صلاة وقال بذلك جماعة من المالكيين). اهـ.
قلت: ولا أدري من أين جاء بالدرجة وبهذا التفصيل والعجب منه حيث يقول هذا والتضعيف المتفق عليه إنما هو في الفرض وعند المالكية لا يصح الفرض في الكعبة وأيضًا فإن جميع طرق هذا الحديث تقدمت الإشارة إليها ليس فيها ذكر للدرجة مطلقًا قال ابن عبد البر: (ورواه بعضهم عن مالك) قلت: ولا أظنه يصح عنه قال: (وقال عامة أهل الفقه والأثر إن الصلاة في المسجد الحرام أفضل من الصلاة فيه لظاهر الأحاديث المذكورة) إلى أن قال (مع أن قول ابن نافع يلزم منه أن يقال إن الصلاة في مسجد النبي - صلى الله عليه وسلم - أفضل من الصلاة في المسجد الحرام بتسعمائة ضعف وتسعة وتسعين ضعفًا وإذا كان كذلك لم يبق للمسجد الحرام فضل على سائر المساجد إلا بالجزء اللطيف ولا دليل لقول ابن نافع هذا وكل قول لا تعضده حجة فهو ساقط). اهـ. قال القرطبي: وهذا الخلاف مبني على الخلاف أي البلدين أفضل فذهب عمر وبعض الصحابة ومالك وأكثر المدنيين إلى تفضيل المدينة وجعلوا معنى الاستثناء أنه أفضل بأقل من الألف وقالوا: إن عمر لا يقول ذلك من تلقاء نفسه. قلت: ولم أر من نص على ذلك عن عمر وتقدم الحديث عنه مما يدل على خلافه وذكر عنه مالك في الموطأ أنه قال للذي فضل مكة: أأنت الذي تقول مكة خير من المدينة؟ فهذا يدل على أنه كان لا يرى المفاضلة بينهما وذهب ابن وهب وابن حبيب من المالكية وكذا أهل الكوفة إلى تفضيل مكة واحتجوا بما أخرجه الحاكم وصححه وأخرجه الترمذي والطوسي وابن حبان في صحيحه عن عبد الله بن عدي بن الحمراء أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال في مكة: