للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

محل السجود وهو وضع الجبهة وتقدم الكلام على ذلك (أي) في تعيينه وقوله: (الذي) صفة للمسجد وقوله: (أسس) بالبناء للمجهول أي بني أساسه وهو أصل الشيء الذي يقوم عليه والمراد هنا القصد من تأسيسه التقوى يقال أسس الشيء إذا جعل له أساسًا والجار والمجرور في محل رفع نائب على الفاعل حسب ظاهر الإعراب ولو قدر ضميرًا تقديره لجاز ذلك بل هو أقرب إلى الصواب في الواقع لأن التأسيس واقع عليه والجملة صلة الموصول والضمير المستكن في أسس هو العائد وقوله: (من أول يوم) من ابتدائية وأول يوم الظاهر أن المراد من أول يوم بدأ فيه المؤسس له وهو محتمل لأن يكون من أول يوم قدم فيه الرسول - صلى الله عليه وسلم - لأن الأولية نسبية وقوله: (فقال رجل) الفاء عاطفة أو مفصلة لقوله: تمارى مبينة لوجه المماراة وقوله: (رجل) أي من الاثنين وتقدم أنه من بني عوف (هو) أي المراد به مسجد قباء وقوله: (وقال الآخر: هو مسجد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -) تقدم أن قائل ذلك هو الرجل الخدري وظاهر هذا أنهما إنما يعنيان المقصود في الآية وقوله: (فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -) الفاء هي الفصيحة لأن في السياق محذوفًا دلت الفاء وهو مذكور في غير هذه الرواية أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سئل وفي بعض الروايات أن الذي سأله أبو سعيد الخدري فقال: (هو مسجدي هذا) يعني الذي بالمدينة في دار بني النجار وهم مجاورون لبني خدرة وهذا الجواب ظاهره أن المعنى بالمسجد في الآية هذا المسجد وحده وظاهر الآية الكريمة صالح لشموله للمسجدين لأنه ذكر فيها مسجد موصوف بصفة منطبقة على كل من المسجدين لأن كلًا منهما أسس على التقوى من أول يوم وقد اختلف العلماء في تعيين المعنى في الآية الكريمة فذهب جماعة إلى أنه مسجد الرسول - صلى الله عليه وسلم - الذي بالمدينة لصحة الخبر فيه قال ابن كثير -رحمه الله-: وهو مروي عن عمر بن الخطاب وابنه عبد الله وزيد بن ثابت وسعيد بن المسيب واختاره ابن جرير. اهـ قلت: واختاره ابن العربي والشوكاني وكثير من المفسرين.

وذهب آخرون إلى أنه مسجد قباء وهو رواية علي بن أبي طلحة عن ابن عباس ورواه عبد الرزاق عن معمر عن الزهري عن عروة بن الزبير وبه قال عطية العوفي وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم والشعبي والحسن البصري ونقله البغوي عن سعيد بن جبير وقتادة.

<<  <  ج: ص:  >  >>