للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وكان هنا يحتمل أنها عاملة والجار والمجرور خبرها مقدم على اسمها والرجل اسمها أي إذا كان الرجل الصالح موجودًا فيهم ويحتمل أنها تامة بمعنى وجد فيهم الرجل ويكون الجار والمجرور في محل نصب حال من الرجل مقدم وقوله: (فمات) معطوف على قوله فيهم وقوله: (بنوا على قبره مسجدًا) أي قبروه وبنوا على قبره مسجدًا وهي الكنيسة لأنها في عرف الشرع مسجد وهو المحل المخصوص للعبادة أي فعلوا ذلك تعظيمًا له لأن من عادتهم عبادة أحبارهم ورهبانهم والسجود لأصنامهم وقوله: (وصوروا فيه تيك الصور) يعني التي ذكرناها في الكنيسة وأمثالها لأن تصوير الصور أصل عبادة الأوثان وقوله: (أولئك) أي أصحاب هذه الأفعال المذكورة وهم النصارى واليهود مثلهم في ذلك (شرار الخلق عند الله يوم القيامة) أي من شرار الخلق وأكد وصفهم بذلك لكفرهم وشركهم به -عز وجل- وقد استشكل ذكر النصارى لأنهم لم يكن فيهم أنبياء كاليهود ونبيهم عيسى لم يمت، وقد أجاب عن ذلك السيوطي: بأن فيهم أنبياء غير مرسلين وهم الحواريون أو ضمير الجمع لليهود والنصارى أو الأنبياء وكبار أتباعهم والمراد أن اليهود فعلوا والنصارى اتبعوهم في ذلك ولا ريب أنهم يعظمون قبور الأنبياء. اهـ بتحريف قليل. والذي يظهر لي في ذلك جوابان: أحدهما أن الكل من بني إسرائيل ذلك دأبهم قبل المسيح إذ تفرق اليهود والنصارى بعد المسيح فذكر ذلك من عادتهم وهو عندي أوجه أو أن النصارى لما فعلوا ذلك بصالحيهم عبّر عن الكل بلفظ واحد من باب التغليب. والله أعلم.

• الأحكام والفوائد

الحديث دليل على تحريم بناء المساجد على القبور كما سيأتي النهي عن الصلاة فيها وهذا الوعيد يدل على أن البناء للمساجد عليها كبيرة من الكبائر لأن حد الكبيرة عند الأكثرين كل ذنب ورد عليه وعيد في الآخرة أو لعن صاحبه أو رتب عليه غضب أو عقوبة في الدنيا كما ثبت النهي عن رفع القبور وتجصيصها والبناء عليها ولو غير مسجد وما نسب للبيضاوي من قوله: إن المسجد إذا بني عند الرجل الصالح لا على القبر وأريد الصلاة فيها للتبرك أنه جائز كما نقله عنه ابن حجر والعيني والسيوطي مردود بأن أقل درجاته إن لم نقل بأنه داخل في البناء عليه أن يكون ذريعة لهذا الذنب العظيم، فالصواب

<<  <  ج: ص:  >  >>