إلا مطبوخًا وفيه أيضًا من حديث معاوية بن قرة عن أبيه: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن هاتين الشجرتين وقال: من أكلها فلا يقربن مسجدنا وقال: إن كنتم لابد آكليهما فأميتموهما طبخا. اهـ وظاهر النهي العموم في المعذور وغيره وفيه: حديث المغيرة وقوله - صلى الله عليه وسلم - له: أنت معذور بعدما أخذ يده فوضعها على صدره وقد ربط صدره ولكن ليس فيه أنه رخص له ولا لغيره في دخوله المسجد بريحه.
• الأحكام والفوائد
الحديث فيه دليل على كراهة أكل الثوم والبصل والكراث لمن يريد دخول المسجد وهو مخصوص كما قدمنا بغير المطبوخ من هذه الأشياء ولم يحرم لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - صرح بأنه غير حرام كما تقدم بيانه قريبًا في حديثي أبي داود وغيرهما لأن الصيغة لا تدل على التحريم بل قد قال فيها ابن بطال إنها تدل على الإباحة لأنه قال من أكل قال وهذا يدل على إباحة لكنه تعقب بأن هذه الصيغة إنما تفيد تعليق الحكم بوجود الأكل أي حكم النهي عن دخول المسجد ولا تعطى حكم الأكل؛ لا إباحة ولا غيرها كما تقدم قريبا وفي الترمذي من حديث جابر بن سمرة أن أبا أيوب سأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: أحرام؟ قال: ولكن أكرهه من أجل ريحه وفي حديث جابر في قصة القدر الذي فيه البقول قال: قربوه لبعض أصحابه وقال: كلوا فإني أناجي من لا تناجون وفيه: أيضًا عن أبي العالية الثوم من طيبات الرزق واسم أبي العالية رفيع وهو الرياحي أدرك أنس بن مالك وسمع منه عند أهل الحديث، وفي صحيح مسلم من حديث أبي نضرة عن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - قال: لم نعد أن فتحت خيبر فوقعنا أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من تلك البقلة الثوم والناس جياع فأكلنا منها أكلًا شديدًا ثم رحنا إلى المسجد فوجد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الريح فقال: من أكل من هذه الشجرة الخبيثة شيئًا فلا يقربنا في المسجد فقال الناس: حرمت حرمت فبلغ ذلك النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: أيها الناس إنه ليس لي تحريم ما أحل الله ولكنها شجرة أكره ريحها وهذا صريح لا يحتاج معه إلى تكلف الاستدلال على الإباحة مع أن قوله في بعض الروايات وليقعد في بيته حتى يذهب ريحها يدل على عدم التحريم قال النووي -رحمه الله-: (فهذه البقول حلال بإجماع من يعتد به وحكى