عندهم بالتطبيق، وكان أولًا ثم نسخ كما سيأتي بيانه إن شاء الله تعالى، وقوله:(وقال) أي بعد الفراغ من الصلاة قال: (هكذا) ها للتنبيه، والكاف بمعنى مثل، أي مثل هذا الفعل (رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فعل) ورأى هنا بصرية فتكون جملة فعل في محل نصب على الماضي بمعنى يفعل، أو هو بمعنى وقد محذوفة.
• الأحكام والفوائد
الحديث يدل على استنكار تأخير الإِمام للصلاة عن أول الوقت، وقد تقدم الكلام على الأوقات وما يجوز فيه التأخير، وفيه: أنه إذا كان الإمام الراتب يؤخر الصلاة فالأفضل أن الإنسان يقدمها، ويصلي معه نافلة، وتقدم مثل ذلك عن أنس - رضي الله عنه - وهو صريح في رواية مسلم لحديث عبد الله هذا وكذا رواية أبي عوانة، وتقدمت الإشارة إليهما في التخريج، وفيه: تعليم الرجل لأصحابه وأتباعه ما يراه الصواب، وطاعتهم له في ذلك إن وثقوا به، ويبين الحكم لهم في ذلك، وفيه: الاحتجاج بفعل الرسول - صلى الله عليه وسلم - في الصلاة وهو متفق عليه، لقوله:(صلوا كما رأيتموني أصلي) وعلى أن ابن مسعود لم يبلغه النسخ لهذا الفعل، فيكون من الأدلة على أن بعض الصحابة الأجلاء، والسابقين للإسلام، قد يخفى عليهم بعض الأحكام، وهذا له نظائر، ولا يقدح فيهم، كما خفي على ابن عباس وإن كان من صغار الصحابة خفي عليه نسخ المتعة، وكذلك ما شاكل ذلك من الأمور الواردة، وهذا الفعل من ابن مسعود لم يوافق عليه، فلهذا ذهب الأكثرون إلى العمل بحديث مصعب بن سعد خرجه عامة أهل الحديث، فإن سعدًا صرح بالنسخ، ونقل له كلام ابن مسعود فقال: صدق، ثم بين أنه كان كذلك ثم نسخ، وقد تحامل الإِمام العيني -رحمه الله- على الحافظ ابن حجر -رحمه الله- في قوله:(إنه لم يبلغه النسخ) واحتج بأنه صاحب نعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وذكر كثرة ملازمته له، وهذا شيء لا يمنع احتمال المذكور، وعلى هذا القول أعني النسخ للتطبيق عامة أهل العلم إلا ما يروى عن بعض أصحاب ابن مسعود - رضي الله عنه - وسيأتي إن شاء الله تعالى أن سنة الركوع عند الجميع وضع اليدين على الركبتين قال النووي -رحمه الله-: (ومذهب العلماء كافة أن السنة وضع اليدين على الركبتين، وكراهة التطبيق إلا ابن مسعود وصاحبيه علقمة والأسود).اهـ.