وفي اصطلاح الأصوليين: ما أمر به النبي - صلى الله عليه وسلم - مما قام الدليل على عدم وجوبه وهي بالمعنى الأول يقابلها البدعة وبالثاني يقابلها الفرض والندب وقوله: فأقدمهم سنًا وفي رواية أكبرهم وهي بمعناها وسنًا بالسين المكسورة والنون والمعتبر السن في الإِسلام وأعني اشتراط التساوي في الأمور السابقة عن هذا القيد لأن من كان كبير السن متأخر الإِسلام أو لا يدخل لمفهوم الشرط السابق وفي رواية مسلم وغيره كما تقدم سلما باللام بدل النون أي إسلامًا وهي تؤيد ما ذكرنا لأن المراد تقدم السن في الإِسلام وقوله: (لا يؤم الرجل) بالنصب في الرجل وبالتاء على لفظ المخاطب لمن يتأتى خطابه وفي رواية لا يؤمن الرجل الرجل أي لا يتقدم عليه وقوله: (في سلطانه) أي محل ملكه صادق بمسكنه الذي يسكنه ولو بالأجرة مادام فيه وبمحل إمارته إن كان أميرًا أو ولايته إن كان واليًا كالقاضي ونحوه والسلطان أصله إما من التسلط والقوة أو السليط الذي هو آلة الإضاءة وهذا من محاسن الشرع وآدابه الجميلة وقوله (ولا تقعد) بتاء الخطاب على تكرمته أي المحل الذي يخصه ويكرم به من دخل عليه ممن يجب إكرامه وهي بفتح التاء وكسر الراء كصدر المحل ونحوه وقوله (إلا أن يأذن لك) أي في الجلوس وكذلك التقديم في الإمامة.
• الأحكام والفوائد
هذا الحديث فيه بيان مراتب الناس في استحقاق الإمامة وظاهره يقتضي أن أقرأهم للقرآن يقدم سواء كان المعنى أكثرهم حفظًا وهو الصحيح إن شاء الله أو أحسنهم أداء وترتيلًا له إلا أن رواية شعبة هذه فيها تقديم فضيلة الهجرة والسبق إليها على السنة ورواية الأعمش عن إسماعيل بن رجاء وهو شيخ شعبة فيه فيها تقديم السنة على الهجرة وعند الحاكم أفقههم فقهًا بدل أعلمهم بالسنة وحيث أن حالة الصحابة في بدء الأمر تخالف حالة غيرهم في الغالب لأن أقرأهم كان أعلمهم بالسنة وأولاهم بتلك الصفة المهاجرون ولم يكن هناك مسائل مدونة للفقه ولا للسنة وإنما كانوا يأخذون السنة سماعًا من النبي - صلى الله عليه وسلم - أو مشاهدة لفعله ولا شك أن أقدمهم صحبة أكثر حظًا في ذلك في مبدأ الأمر فلهذا اختلف الفقهاء: فمنهم من اعتبر حالة الصحابة مخالفة لحال غيرهم