للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ويقال في جمعه أيضًا حلماء ككرماء جمع حليم وأحلام كأشهاد جمع شهيد وجوزوا فيه أن يكون المراد بهم هنا البالغون لسن الحلم والنهي بالضم جمع نهية بضم النون وقد يستعمل للمفرد وهو العقل سمي بذلك لأنه ينهى عمّا لا ينبغي وذو النهنية الذي ينتهى إلى عقله ورأيه قال تعالى: {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِأُولِي النُّهَى} وقالت الخنساء:

فتى كان ذا حلم أصيل ونهية ... إذا ما الحبا من طائف الجهل حلت

وعطف أولي النهى على أولي الأحلام وهما بمعنى يأتي للتوكيد فيعطف اللفط على اللفظ المغاير له الموافق له في المعنى لقصد التوكيد كما في قول الحطيئة:

ألا حنذا هند أرض بها هند ... وهند أتى من دونها النأي والبعد

فالنأي والبعد بمعنى وإن تغايرا في اللفظ.

وقوله: (ثم الذين يلونهم) تقدم الكلام على "ثم" أول الكتاب، وأها بضم الثاء حرف عطف يقتضي الترتيب والتراضي، ويفتح الثاء ظرف مكان، و"يلونهم" بمعنى بعدهم في الفضل والدين؛ إذ هما المرادان بأولى النهي في الدرجة الثانية من الأولين، فهم دونهم في المنزلة لكنهم في الرتبة التي تليهم في ذلك، وذكرها مرتين توكيدًا، وبيانًا, لأن التقديم المذكور لا يختص بالصف الأول بل ينبغي أن يكون ترتيب سائر الصفوف على حسب المراتب في الفضل، وقد علل ذلك بأنه يكون سببًا لضبط أفعاله - صلى الله عليه وسلم - في الصلاة، والموصول في قوله: الذين يلونهم فاعل لفعل محذوف التقدير ثم يليهم الذين يلونهم أي في الدرجة كما تقدم، أي فأنتم معشر التابعين إذا لم تحافظوا على تسوية الصفوف تكونون أشد اختلافًا مما كان ينتظر من الصحابة لو لم يمتثلوا.

• الأحكام والفوائد:

في الحديث: دليل على وجوب تسوية الصفوف في الصلاة، وعناية الإمام بذلك، وحث الناس عليه، وأنه لا ينبغي أن يحرم في الصلاة إلا بعد تسوية الصفوف، وفيه: الوعيد الشديد على ترك ذلك، وفيه: قبح الاختلاف في الشرع ووجوب تجنب أسبابه لأن مفسدة الاختلاف عظيمة الضرر، وقد رتب

<<  <  ج: ص:  >  >>