قوله:(وفي يده كهيئة .. ) إلخ -الواو للحال، والكاف في محل رفع نعت لمحذوف وهو المبتدأ في الأصل، والتقدير: في يده شيء مثل الدرقة، والجار والمجرور في محل رفع بذلك المحذوف الذي نزل نعته منزلته، والجملة في محل نصب حال من قوله: خرج إلينا.
وقوله:(الدرقة) بفتح الراء والقاف: هي الترس يصنع من الجلود يتقون به ضرب السلاح في الحرب، وهي أيضًا: المجن والجنة والجحفة، ومنه قول عمر بن أبي ربيعة -في استعمالها فيما يستتر به-:
فكان مجني دون من كنت أتقي ... ثلاث شخوص كاعبان ومعصر
وهو المجنأ أيضًا، كما في الرجز الذي يروى عن عاصم بن ثابت بن أبي الأقلح - رضي الله عنه - يوم الرجيع:
ومجنأ من جلد ثور أسود ... ومؤمن بما على محمَّد
وكما قال الشاعر في عمرو بن معد يكرب، والقائل هو الأعشى:
وإذا تجيء كتيبة ملمومة ... شهباء يخشى الذائدون صيالها
كنت المقدم غير لابس جنة ... بالسيف تضرب معلمًا أبطالها
وقوله:(جلس خلفها) ظرف، أي: جلس واستتر بها، والفاء عاطفة "وإلى" بمعنى "عند" كما في قول الشاعر:
أم لا سبيل إلى الشباب وذكره ... أشهى إليّ من الرحيق السلسل
أي: عندي، والمعنى: جلس وبال عندها. وقوله:(فقال) الفاء تحتمل العطف وتحتمل السببية وهي أظهر. (قال بعض القوم) وفي رواية: (فقلنا) فيحتمل أنه عبّر في الأولى عنهم ببعض القوم على سبيل الستر، وصرّح في الثانية أنهم هم القائلون؛ لأن نسبة الفعل الصادر من البعض إلى الكل صحيحة.
وقولهم:(انظروا) على سبيل التعجب من حيائه - صلى الله عليه وسلم - لا على سبيل الانتقاد، لأن حالة الصحابة تأبى ذلك مع تعظيمهم للنبي - صلى الله عليه وسلم -، والعرب لم تكن تحافظ على التستر لاسيما الرجال، فكانوا يرون شدة الحياء والمبالغة في التستر من شأن النساء. ولكن الحياء من خلق الأنبياء، ولهذا قالت بنو