للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

إسرائيل: ما يمنع موسى أن يغتسل معنا إلا أنه آدر .. الحديث، فهو يدل على أن الحياء والتستر من عادة الأنبياء دون غيرهم، إلا أن بني إسرائيل قالوا ذلك على سبيل العيب وطلب الأذية، فلذلك برأه الله وأما الصحابة فإنما تعجبوا من الحال التي رأوها منه - صلى الله عليه وسلم - ولهذا -أي: لحسن قصدهم- لم يعتبهم وإنما بيّن لهم أن هذه الحالة هي التي تنبغي للمسلم، وخلافها قد يؤدي إلى العقوبة.

وقوله: (كما تبول المرأة) الكاف في محل نصب نعت لمصدر محذوف التقدير: بولًا كبول المرأة، فما مصدرية والمصدر المنسبك منها في محل جر أي: مثل بول المرأة، والتشبيه واقع على الهيئة التي بال عليها. قال العراقي: (هل المراد التشبيه بها في الستر أو الجلوس أو فيهما؟ ). اهـ.

وقيل: كرهوا ذلك زعمًا منهم أن شهامة الرجل لا تقتضي الستر، على عادتهم في الجاهلية.

وقوله: (فسمعه) أي سمع النبي - صلى الله عليه وسلم - ذلك القائل فقال: (أَمّا) الهمزة للاستفهام وما نافية وقوله: (ما أصاب): ما موصولة في محل نصب بعلمت، وجملة (أصاب) صلة الموصول، والعائد الضمير الذي هو الفاعل المستتر. فكأنّ سائلًا عما أصاب صاحب بني إسرائيل فقال: (كانوا) أي كانت بنو إسرائيل قد فرض الله عليهم في دينهم، أنهم إذا أصاب أحدهم شيء من البول قرضوه، أي: قطعوا المكان الذي وقع فيه، ولا يطهر إلا بذلك، وهذا من الآصار التي كانت عليهم فخففها الله علينا كما قال: {وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ}، والقرض هو القطع، والمقراض مفعال آلته التي يحصل بها، وجمعه مقاريض كمفتاح ومفاتيح، وهو المقص. وقوله: (فنهاهم) أي عن فعل ما أوجبه الله عليهم من ذلك وبهذا استحق العقوبة لأنه لو لم يكن واجبًا لما عذب بسبب تركه والنهي عنه. وقوله: (في قبره) أي بعد موته.

• الأحكام والفوائد

الحديث يدل على وجوب الاستتار عند البول، وجواز البول لأي ساتر على أي حال مادام ستر العورة حاصلًا، وجواز البول بحضرة الناس على هذا الشرط ووجوب الاستتار منه، وأن الاستخفاف به كبيرة من الكبائر وأنه موجب لعذاب القبر، ويدل على فضل الله على هذه الأمة حيث نسخ عنها هذا النوع

<<  <  ج: ص:  >  >>