تقتضي حصرًا مخصوصًا كقوله تعالى:{إِنَّمَا أَنْتَ نَذِيرٌ} وكقوله: {إِنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ} وقد تقدم أن الحصر المطلق وهو الذي يقال له حقيقي حصر الصفة على الموصوف وهو حصر المسند على المسند إليه، وهو الأكثر، وأما الثاني وهو عكسه قصر الموصوف على صفته ويقال: قصر المسند إليه على المسند، فهو لا يقع عندهم إلَّا اعتباريًا أي باعتبار دون غيره ويسمى مجازًا لأن الغالب أن الموصوف لا يكون له صفة واحدة وتقدم في شرح الحديث ٩ حديث الفطرة.
قوله:(الأعمال) جمع عمل، وأصله مصدر سمي به فعومل معاملة الأسماء، وهو إحداث أمر قولًا كان أو فعلًا بالجارحة أو بالقلب لكن الأسبق إلى الفهم الاختصاص بفعل الجارحة. وأل فيه للجنس أو للعهد الذهني. والصيغة تفيد العموم على كل من الوجهين. وإن كان الجمع على وزن القلة الذي هو أفعال فاقترانه بأل يفيد العموم إما مطلقًا وإما باعتبار العهد كما قدمنا. لأن المعهود في الذهن في مثل هذا المقام الأعمال الشرعية التي يتقرب بها إلى الله تعالى فيشمل سائر الأعمال الفعلية والقولية لأن الكلام عمل اللسان، قال ابن دقيق العيد:(ورأيت بعض المتأخرين من أهل الخلاف خصص العمل بما لا يكون قولًا. قال: وفيه عندي بعد وينبغي أن يكون لفظ العمل يعم جميع أفعال الجوارح، نعم لو كان خصص بذلك لفظ الفعل لكان أقرب لأنهم جعلوهما متقابلين فقالوا الأفعال والأقوال، قال: ولا تردد عندي في أن الحديث تناول الأقوال) اهـ. قال ابن حجر -رَحِمَه اللهُ-: والتحقيق أن القول لا يدخل في العمل حقيقة ويدخل مجازًا وكذا الفعل لقوله تعالى: {وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ} بعد قوله تعالى: {زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا} قلت: وفيه نظر والله أعلم، لأن السنة الصحيحة وردت بإطلاق العمل على القول حقيقة ولا داعي لحمله على المجاز وذلك كقول المهاجرين:"سمع إخواننا بما فعلنا ففعلوا مثلنا" أي من الذكر .. الحديث، وقوله:"ألا أنبئكم بخير أعمالكم. ." الحديث، وفيه قال:"ذكر الله تعالى" وفي حديث معاذ: "قلت: أي الأعمال أحب إلى الله، قال: أن تموت ولسانك رطب من ذكر الله" أخرجه الطبراني وابن حبان في صحيحه والبزار ولفظه: بأفضل الأعمال وأقربها إلى الله قاله المنذري. وفي