للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

اشتراط الاتفاق في الفعلين أنها وردت في القرآن شرطية محذوفة الجواب دل على جوابها ما قبلها كقوله تعالى: {هُوَ الَّذِي يُصَوِّرُكُمْ فِي الْأَرْحَامِ كَيْفَ يَشَاءُ} وقوله: {يُنْفِقُ كَيْفَ يَشَاءُ} وقوله: {فَيَبْسُطُهُ فِي السَّمَاءِ كَيْفَ يَشَاءُ} ونحو ذلك. وقد تستعمل كيف محذوفة الفاء كما في قول الشاعر:

كي تجنحون إلى سلمٍ وما ثئرت ... قتلاكم ولظي الهيجاء تضطرم

وقوله: (تريني) من رأي البصرية لكنها هنا من أرى يُرى فهي تتعدى بهمزة النقل إلى مفعولين، والمفعول الأول ياء المتكلم التي بعد نون الوقاية والثاني: محل الجملة ولا يرد على ذلك ما تقدم من أن كيف لا يعمل فيها ما قبلها لمكانها من التصدر؛ لأن المراد أن تكون صدر جملتها وعاملها في الجملة بعدها وذلك لا ينافي أن تكون الجملة معمولًا لشيءٍ قبلها، وتقدم أنها قد تكون مع جملتها بدلًا من اسم قبلها كما في قول الشاعر:

... إلى الله أشكو ..

البيت السابق، والله أعلم.

وقد ذكر ثم في هذا الحديث سبع مرات وأصلها حرف يفيد ثلاثة أشياء كلها فيه مقال: التشريك والترتيب والتراخي وقد تأتي لمجرد ترتيب الأخبار فقط كقوله تعالى: {خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا} وقوله: {وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنْسَانِ مِنْ طِينٍ (٧) ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ مَاءٍ مَهِينٍ (٨) ثُمَّ سَوَّاهُ وَنَفَخَ فِيهِ مِنْ رُوحِهِ} وقوله: {ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ... ثُمَّ آتَيْنَا} ... فهي في هذه المواضع لترتيب الذكر وكذا في قول الشاعر:

إن من ساد ثم ساد أبوه ... ثم قد ساد قبل ذلك جده

وزعم قوم أنها قد تكون زائدة وجعلوا منه قوله تعالى: {. . . ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا} عقب {حَتَّى إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنْفُسُهُمْ وَظَنُّوا أَنْ لَا مَلْجَأَ مِنَ اللَّهِ إِلَّا إِلَيْهِ ... }، وقول زهير:

إراني إذا أصبحت أصبحت ذا هوى ... فثم إذا أمسيت أمسيت غاديًا

وهو قول الأخفش، والظاهر أنها تكون بمعنى الفاء لترتيب الذكر ولا داعي إلى تكلف الجواب عن ذلك كله، والله أعلم، وقد تقدم الكلام عليها في حديث أبي موسى في السواك، فهي في الحديث لترتيب الأخبار عن أفعال

<<  <  ج: ص:  >  >>