للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

• الأحكام والفوائد

الحديث من أقوى الأدلة الدالة على المسح على الخفين لأن فيه التصريح بأنه مسح - صلى الله عليه وسلم - بعد نزول المائدة وإنما كان توقف بعض السلف فيه من أجل أنه خاف أن تكون الرخصة فيه منسوخة بآية المائدة لأن فيها الغسل كما تقدم قريبًا والمسح عليهما مذهب الجمهور من السلف من الصحابة وغيرهم من التابعين وعلماء السنة وإنما اشتهر إنكاره عن الخوارج وأهل البدع وما روي من إنكاره عن بعض السلف إنما كان من أجل احتمال النسخ على ما تقدم بيانه ثم رجعوا عنه أو أكثرهم غير أنهم اختلفوا هل الأفضل المسح أو الغسل فمنهم من فضل غسل الرجلين إلا عند من ينكر المسح فالمسح حينئذ أفضل لإِظهار السنة قال ابن عبد البر -رحمه الله-: (لا أعلم أحدًا من فقهاء المسلمين روى عنه إنكار ذلك إلا مالكًا والروايات الصحيحة عنه بخلاف ذلك وموطؤه يشهد للمسح على الخفين في الحضر والسفر وعلى ذلك جميع أصحابه وجماعة أهل السنة وإن كان من أصحابنا من يستحب الغسل ويفضله على المسح من غير إنكار للمسح على معنى ما روى عن أبي أيوب الأنصاري أنه قال: أحب إلَيَّ الغسل)، ثم قال -رحمه الله- أيضًا: (واختلف الفقهاء في المسح في السفر فروى عن مالك ثلاث روايات في ذلك إحداها: وهي أشدها نكارة إنكاره المسح في السفر والحضر والثانية: كراهية المسح في الحضر وإباحته في السفر والثالثة: إباحة المسح في السفر والحضر وعلى ذلك فقهاء الأمصار بالحجاز والعراق والشام والمشرق والمغرب) اهـ.

قلت: وقوله: إن عائشة كانت تنكره فقد ثبت عنها كما سيأتي أنها سئلت عن التوقيت في المسح قالت للسائل: سل عليًا .. الحديث وهذا لا يدل على الإنكار بل هو أقرب إلى الدليل على الاعتراف غير أنها ربما كانت ترى أنه كان في السفر أكثر منه في الحضر ونقل ابن المنذر عن ابن المبارك أنه قال: (ليس في المسح على الخفين عن الصحابة اختلاف لأن كل من روى عنه منهم إنكاره فقد روى عنه إثباته) اهـ. وقال ابن حجر -رحمه الله-: وقد صرح جمع من الحفاظ بأن المسح على الخفين متواتر وجمع بعضهم رواته فجاوزوا الثمانين منهم العشرة وقال الإِمام أحمد: فيه أربعون حديثًا وقال النووي في شرح

<<  <  ج: ص:  >  >>