للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

• اللغة والإِعراب والمعاني

وقوله: (رخص لنا) أي: أذن لنا ورخص له في الأمر أذن له فيه بعد النهي والرخصة في الأمر خلاف التشديد ورخص الله للعبد في الشيء خفف عنه وهو معنى قولهم: "نقل الحكم من صعوبة إلى سهولة" وقوله: (ألا ننزع) أي في الإنزاع فالمصدر المنسبك من أن وما دخلت عليه في محل جر و (ثلاثة) ظرف لعدم النزع أي في مدة ثلاثة أيام والمراد بذلك بعد المسح عليهما وإلا فلا معنى للرخصة لأن محلها عدم وجوب غسل الرجلين في هذه الحالة والاكتفاء بالمسح فهذا وجه التخفيف، وابتداء المدة يكون من وقت المسح الأول أو من وقت الحدث بعد المسح والأول أقوى لما قدّمنا من أن الرخصة إنما في المسح بدل الغسل وذلك لا يكون إلا وقت الوضوء بعد اللبس.

• الأحكام والفوائد

الحديث دليل على توقيت المسح على الخفّين بثلاثة أيام للمسافر مع لياليهن ولم يذكر في هذه الرواية المقيم، وسيأتي في حديث علي الثابت في صحيح مسلم وغيره، وحديث خزيمة بن ثابت عند أبي داود والترمذي وأحمد وحديث أبي بكرة عند البيهقي والشافعي وابن الجارود وابن خزيمة والدارقطني وابن أبي شيبة وابن حبان صحّحه الشافعي والخطابي وكلهم بلفظ: "يوم وليلة للمقيم".

وإلى توقيت المسح للمسافر بثلاثة وللمقيم بيوم وليلة ذهب الجمهور: أبو حنيفة وأصحابه والشافعي وأحمد وداود والطبري والحسن بن صالح بن حيي والثوري والأوزاعي وإسحاق بن راهوية وداود الظاهري ونسبه ابن سيد الناس في شرح الترمذي إلى عمر وعلي وابن مسعود وابن عباس وحذيفة وجماعة آخرين من الصحابة والتابعين. قال أبو عمر بن عبد البر -رحمنا الله وإياه برحمته- في كتابه الاستذكار: وعليه جمهور التابعين وأكثر الفقهاء وهو الاحتياط عندي لأن المسح ثبت بالتواتر واتفق عليه جماعة أهل السنة واطمأنت النفس إلى ذلك. فلما قال أكثرهم: إنه لا يجوز المسح للمقيم أكثر من يوم وليلة خمس صلوات ولا يجوز للمسافر أكثر من خمس عشرة صلاة ثلاثة أيام بلياليهن وجب على العالم أن يؤدي صلاته بيقين.

<<  <  ج: ص:  >  >>