للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الإِنسان والخطايا جمع خطيئة وهي منصوبة بالفعل الذي هو يمحو ومحا الشيء يمحوه ويمحاه مسحه وأذهب أثره ولذا قالوا في الريح التي تمحو السحاب محوة قيل هي الشمال قال الراجز:

بكرت محوة بالعجاج ... فدمرت بقية الرجاج

وفي قصة الحديبية قال - صلى الله عليه وسلم - لعلي: أمحها. قال والله لا أمحها يعني لفظة رسول الله ومحوه الخطايا طمسها من صحف الملائكة أو هو كناية عن الغفران وعدم المؤاخذة. قال تعالى: {يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ} والدرجات جمع درجة وهي المنزلة وتجمع على درج وهي أيضًا الطبقات والدرجة أيضًا الرفعة والمرقاة التي يصعد عليها والمراد هنا إما الرفعة بزيادة الحسنات أو درجات من درجات الجنة وهي منازل أهلها يوم القيامة جعلنا الله والمسلمبن منهم أجمعين قال تعالى: {يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ} فهذا الفعل المذكور يرفع الله به صاحبه فكلما تكرر منه ازداد رفعة والغرض من هذا العرض والسؤال والمراد به أن يهتموا للفائدة ويحفظوها لأنه قد عرف حبهم لذلك ولم يذكر هنا أنهم قالوا: بلى، وهي ثابتة عند مسلم والترمذي، وليست في هذه الرواية ولعل ذلك اختصار من بعض الرواة وقوله: (إسباغ الوضوء) إتمامه والإِتيان به على الوجه الأكمل وهو مصدر مرفوع على أنه خبر لمبتدأ محذوف والتقدير: هو إسباغ الوضوء وهذا هو محل مناسبة الترجمة وهو المقصود بذكر الحديث هنا.

وقوله: (على المكاره) تقدّم الكلام على معنى كلمة على في شرح الآية والمراد هنا على حال كُره الإِنسان للماء لمشقته عليه كالأوقات الباردة التي يكره الناس فيها الماء البارد والمكاره جمع مكره وهو كل ما لا يحبه الإِنسان لمشقته عليه لأن فعله تكرهه النفس ويخالف هواها والأوامر الشرعية غالبها ثقيل على النفس ولهذا قيل لها التكليف لأنها في مذاق متبعي الهوى مرة ولهذا قال تعالى: {وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى (٤٠) فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى (٤١)} والمكاره في الوضوء كوقت البرد كما تقدّم وحال التعب والاستعجال كما في حديث "ويل للأعقاب من النار" وقد تقدّم والأجر على قدر المشقة كما في حديث عائشة الآتى في العمرة قال: (لكنها على قدر نصبك) أي أجرك فيها على قدر تعبك.

<<  <  ج: ص:  >  >>