للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقوله: (وكثرة الخطى) أي تكثيرها بالتردد إلى المسجد في كل وقت وكثرة مرفوع لأنه معطوف على إسباغ الوضوء، والخطى جمع خطوة بالفتح المرة من الخطو وهو وضع القدم كما في حديث أبي هريرة: "كانت رجل تكتب له حسنات ورجل تمحى عنه سيئات" أو جمع خطوة بالضم ما بين القدمين وتكثير الكل يكون بكثرة التردد إلى المسجد كما قدّمنا قال تعالى: {إِنَّا نَحْنُ نُحْيِ الْمَوْتَى وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ} أي خطاهم إلى المساجد كما في حديث بني سلمة لما قال لهم دياركم تكتب آثاركم، ثم قرأ الآية {إِنَّا نَحْنُ نُحْيِ الْمَوْتَى} الآية.

وفي حديث السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله ذكر فيهم: "رجل قلبه معلّق بالمسجد إذا خرج منه حتى يرجع إليه" وفي حديث اختصام الملأ الأعلى قال في الكفارات والدرجات إلى أن قال: "وأما الكفارات فإسباغ الوضوء في السبرات ونقل الأقدام إلى الجماعات وانتظار الصلاة بعد الصلاة".

وقوله: (انتظار) مصدر انتظر الشيء إذا ترقّب وقته وهو مصدر معطوف على إسباغ الوضوء.

وقوله: (بعد الصلاة) أي بعد أداء التي صلّاها وأل في الصلاة للعهد الذهني لأن المراد إحدى الصلوات المكتوبات ويحتمل أنها للجنس فتكون من باب العام الذي أريد به الخصوص لأن الشرع دل على أنه لا ينتظر ويتردد للمسجد لأدائه إلا المكتوبات وأما التطوّع ففعله في البيوت أفضل كما يأتي إن شاء الله ولم تجر العادة أنه ينتظر لعدم اختصاصه في الغالب بوقت وهذا صادق بجلوسه في المسجد ينتظر وبشغل قلبه بها حتى يحضر وقتها فيذهب إليها كما في قوله: (ورجل قلبه معلّق بالمسجد) فالأمران يصدق عليهما انتظار الصلاة بعد الصلاة.

وقوله: (فذلكم الرباط) ذا اسم إشارة والكاف للخطاب وهي واللام تدلان على البعد والميم للجمع وقد ينزل القريب منزلة البعيد والغالب أن يكون للدلالة على التنويه بالشيء ورفع أمره كما هنا أي الأمر العظيم المذكور هو الرباط والرباط المقام في ثغور المسلمين حماية لهم من عدوهم، وقد تقرّر في الشرع فضله وأن صاحبه يكتب له أجره دائمًا فشبَّه المنتظر للصلاة به لأنه في

<<  <  ج: ص:  >  >>