أما كمهما يك من شيء وفا ... لتلو تلوها وجوبًا ألفا
وحذف ذي الفاء قل في نثر إذا ... لم يك قول معها قد نبذا
فأخبر أن الفاء تلزم مع جوابها لأنه جواب الشرط وأن حذفها في النثر قليل ولذا خصّصه بعضهم بضرورة الشعر كقول الشاعر:
فأما القتال لا قتال لديكم ... ولكن سيرًا في عراض المواكب
فحذف الفاء والتقدير فلا قتال لديكم ولهذا قال - صلى الله عليه وسلم -: "أما الوضوء: فإنك" فأدخل الفاء في جوابها على الأصل وعندهم أن حق الفاء أن تكون داخلة على الإِسم بعدها ولكنهم يقولون إنهم كرهوا أن تلي أما فأخّروها إلى الخبر وهذا على ما جرت به عادة النحويين في تعليل مثل هذا تقريبًا للذهن وضبطًا للقواعد التي اصطلحوا عليها لحفظ اللغة وإلا فوضع العرب لكلامها لم يكن فيه مراعاة لشيء والمرفوع بعدها مبتدأ مخبر عنه فالوضوء مبتدأ وخبره الجملة من إن وما دخلت عليه وتقدّم الكلام عليها في حديث عباس ٣١. وتقدّم الكلام علي إذًا وجواب الشرط بعدها أول الكتاب في الكلام على الآية. وجوابها: أي "إذا" هنا قوله: (خرجت).
وقوله:(فإنك) جواب لأما الوضوء، وهذا الجواب من النبي- صلى الله عليه وسلم - على سؤاله وهو يدل على أن سؤاله إنما كان عن الأجر:(إذا توضأت) أي شرعت في الوضوء فعبّر بالماضي والمراد الشروع في الفعل بدليل ما بعده.
(فَغَسَلْتَ): الفاء عاطفة و (كفيك) تثنية كف وهو دليل لما تقدّم من البداءة بهما ولو كان الشخص ليس قريب عهد بالنوم (فأنقيتهما) أي أحكمت وأجدت غسلهما حتى تكونا نقيتين (خرجت) جواب إذا كما تقدّم وهذا توضيح للمراد بقوله: (توضأت) وتقدّم الكلام على الخطايا وخروجها كناية عن غفرانها وقد تقدّم أن المراد الصغائر دون الكبائر.
وقوله:(من بين أظفارك) وتقدّم الكلام على الظفر في حديث خصال الفطرة.
وقوله:(أناملك) الأنامل جمع أنملة وفيها تسع لغات تثليث الهمزة مع تثليث الميم فتضرب حركات الهمزة الثلاث كل واحدة في حركات الميم وفي اللسان أنها بالفتح واقتصر عليه ولكن ذكر فيها القاموس ما ذكرنا من الأوجه