فيها، النصب على الظرفية المجازية كأن الحق مكان فأصل الظرف اسم الزمان أو المكان المضمن معنى في وليس هذا واحدًا منهما ولكن جعل ظرفًا مجازًا وقد تكون عند بعضهم أما حرف عرض وهو قول المالقي بمنزلة ألا فَتَخْتَصُّ بالفعل نحو أما تقوم وأما تقعد وقد تحذف هذه الهمزة كقول الشاعر:
ما ترى الدهر قد أباد معدًا ... وأباد السراة من عدنان
وقوله:(لقد كبرت سني) اللام لام التوكيد بعد القسم وقد للتحقيق وكبرت بكسر الباء يقال كبرت سنه وكبر الإِنسان كلها بالكسر إذا أريد العمر فإن أريد الحجم وزيادته قيل كبر بضم الباء.
وقوله:(دنا) يدنو إذا قرب، والأجل لا يعلمه إلا الله ولكن العادة أن الإِنسان إذا كبرت سنه وتقدّم في العمر أن يكون مظنة نزول الموت به أكثر كما قال الشاعر:
إذا الرجال ولدت أولادها ... وفنيت من كبر أجسادها
وجعلت أمراضها تعتادها ... تلك زروع قد دنا حصادها
والأجل الوقت المعينّ للشيء يكون فيه والمراد دنا أجل موتي.
وقوله:(ما بي من فقر) الجار والمجرور متعلّق بمحذوف خبر مقدّم ومن زائدة وفقر على أن ما عامله عمل ليس اسمها وعلى أنها مهملة فهو مبتدأ وعلى كل فهو مجرور لفظًا مرفوع محلًا وهذا على القول بجواز تقديم خبر ما المجرور والمعنى إن دواعي الكذب التي تدعو الإِنسان إلى الكذب في الغالب بعيدة عني لا أنّ الكذب يباح للفقير أو لغير الكبير السن فالكذب ولو مع الفقر والشبيبة قبيح شرعًا وطبعًا محرم كتابًا وسنّة، أي: لست فقيرًا فأحدث بالكذب لأنال بذلك شيئًا من الدنيا عند الناس وهذا توكيد منه - رضي الله عنه - لبعده عن التهمة بالكذب والفاء في قوله:(فأكذب) سببية أي بسبب الفقر.
وقوله:(سمعته أذناي ووعاه قلبي) أي سمعته بلا واسطة ووعيته حفظته فلم أنس، ووعاه يعيه حفظه ومنه قوله تعالى:{وَتَعِيَهَا أُذُنٌ وَاعِيَةٌ}.
وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "فيفصم عني وقد وعيت ما قال"، يعني عند نزول الوحي عليه.
وأوعيت المتاع جعلت له وعاء، ومحل الوعي وهو الإِدراك والحفظ